للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٤ - (أبو صالح) ذكوان السمّان الزيّات المدنيّ، ثقة ثبت [٣] ٣٦/ ٤٠.

٥ - (أبو هريرة) رضي الله تعالى عنه ١/ ١. والله تعالى أعلم.

لطائف هَذَا الإسناد:

(منها): أنه منْ خماسيات المصنّف رحمه الله تعالى. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح. (ومنها): أن فيه رواية تابعيّ عن تابعيّ. والله تعالى أعلم.

شرح الْحَدِيث

(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) رضي الله تعالى عنه، وفي رواية للبخاريّ، منْ طريق عبد الواحد بن زياد، عن الأعمش، سمعت أبا صالح، يقول: سمعت أبا هريرة -رضي الله عنه- (عَنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-) أنه (قالَ: "ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلْمُهُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ) أي بكلام منْ رضي عنه، وإنما يكلّمهم بكلام منْ سخط عليه، كما جاء فِي "صحيح البخاريّ" منْ حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، مرفوعًا: "يقول الله لمانع الماء: اليوم أمنعك فضلي، كما منعت فضل ما لم تعمل يداك وَقَدْ ذكر الله تعالى فِي كتابه العزيز أنه يقول للكافرين: {اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون: ١٠٨]. وقيل: معناه: لا يكلّمهم بغير واسطة، استهانة بهم. وقيل: معنى ذلك الإعراض عنهم، والغضب عليهم (وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ) أي نظر لطف، ورحمة، وإحسان إليهم؛ إذ نظره تعالى محيط بكل شيء (يَومَ الْقِيَامَةِ، وَلَا يُزَكِّيهِمْ) قَالَ الزجّاج: لا يُثني عليهم، ومن لم يُثن عليه عذّبه. وقيل: لا يطهّرهم منْ خُبث أعمالهم؛ لعظيم جُرْمهم (وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) أي شديد الألم الموجع (رَجُلٌ عَلَى فَضْلِ مَاءٍ) يعضي بفضل الماء ما فضل عن كفاية السابق للماء، وأخذ حاجته منه، فمن كَانَ كذلك، فمنع ما زاد عَلَى ذلك تعلّق به هَذَا الوعيد (بِالطَّرِيقِ) وفي رواية للشيخين: "بالفلاة": أي القفر، وهو المراد بالطريق هنا، كما قاله فِي "الفتح" ١٥/ ١١٤ (يَمْنَعُ ابْنَ السَّبِيلِ مِنْهُ) وفي رواية للبخاريّ: "رجل كَانَ له فضل ماء، منعه منْ ابن السبيل"، قَالَ فِي "الفتح": والمقصود واحد، وإن تغاير المفهومان؛ لتلازمهما؛ لأنه إذا منعه منْ الماء، فقد منع الماء منه. انتهى.

و"ابن السبيل": هو المسافر، و"السبيل": الطريق، وسمّي المسافر بذلك؛ لأن الطريق تُبرزه، وتظهره، فكأنها ولدته. وقيل: سُمي بذلك؛ لملازمته إياه، كما يقال فِي الغراب: ابن دَأْيَة؛ لملازمته دَأْية البعير الدَّبِرِ لينقُرها (١).


(١) "البعير الدبِر": هو الذي تقرّحت دأيته، والدأية منْ البعير: هو الموضع الذي تقع عليه ظَلِفَةُ الرحل، فيعقره.