للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقوله: "فإن كَانَ البيع عن خيار": أي إذا قَالَ أحدهما للآخر: اختر البيع، فَقَالَ: اخترت، فقد انتهى خيار المجلس، وثبت البيع، فلا خيار لأحدهما بعده، وهذا ظاهر فِي أن الاستثناء فِي قوله فِي الْحَدِيث الماضي: "إلا بيع الخيار" منْ نفس الحكم، أي إلا أن يكون البيع جرى فيه التخاير بأن قَالَ أحدهما للآخر فِي المجلس: اختر، فَقَالَ: اخترت، فلا خيار قبل التفرّق، وهذا هو الذي ذهب إليه الجمهور، وهو الحقّ، كما سبق تحريره قريباً. والله تعالى أعلم.

والحديث صحيح، وهو بهذا السياق منْ أفراد المصنّف رحمه الله تعالى. وقوله: "فقد وجب البيع": أي لزم، وانبرم. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٤٤٧٠ - (أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَمْلَى عَلَيَّ نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا تَبَايَعَ الْبَيِّعَانِ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ مِنْ بَيْعِهِ، مَا لَمْ يَفْتَرِقَا، أَوْ يَكُونَ بَيْعُهُمَا عَنْ خِيَارٍ، فَإِنْ كَانَ عَنْ خِيَارٍ، فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ").

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: "عليّ بن ميمون": هو العطّار الرقيّ، ثقة [١٠] ٢٨/ ٤٣٥. و"سفيان": هو ابن عيينة.

وقوله: "أملى عليّ الخ": أي ألقى عليّ، فكتبته. قَالَ الفيّوميّ: وأمللت الكتاب عَلَى الكاتب إملالاً: ألقيته عليه، وأميته عليه إملاءً، والأولى لغة الحجاز، وبني أسد، والثانية لغة تميم، وقيس، وجاء الكتاب العزيز بهما، قَالَ عز وجل: {وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ} الآية [البقرة: ٢٨٢]، وَقَالَ: {فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} [الفرقان: ٥]. انتهى. وَقَالَ المجد فِي "القاموس": وأملّه: قَالَ له: فكتب عنه. انتهى.

وقوله: "أو يكون الخ" بالنصب، بـ"أن" مقدّرة بعد "أو" التي هي بمعنى "إلا"، كما قَالَ ابن مالك فِي "خلاصته":

كَذَاكَ بَعْدَ "أَو" إِذَا يَصْلُحُ فِي … مَوْضِعِهَا "حَتَّى" أَوِ "الَّا" أَنْ" خَفِي

يعني أن الفعل يُنصب بـ"أن" مضمرة وجوبًا بعد "أو" التي بمعنى "حَتَّى"، أو "إلا"، فالأول إذا كَانَ الفعل الذي قبلها ينقضي شيئاً، فشيئًا، والثاني إن لم يكن كذلك، فالأول كقول الشاعر [منْ الطويل]:

لأَسْتَسْهِلَنَّ الصَّعْبَ أَوْ أُدْرِكَ الْمُنَى … فَمَا انْقَادَتِ الآمَالُ إِلَّا لِصَابِرِ

والثاني كقوله [منْ الطويل]:

وَكُنْتُ إِذَا غَمَزْتُ قَنَاةَ قَوْمٍ … كَسَرْتُ كُعُوبَهَا أَوْ تَسْتَقِيمَا