وهذه الرواية صريحة فِي أنه يُكتَفَى فِي حصول الفسخ بفسخ أحدهما، ولو لم يوافقه الآخر عليه، بل اختار الإمضاء، وهو الذي صرّح به الفقهاء القائلون بخيار المجلس، منْ الشافعيّة، وغيرهم. أفاده فِي "طرح التثريب" ٦/ ١٥٨.
وَقَالَ فِي "الفتح" ٥/ ٦١ - : قوله: "فقد وجب البيع" أي بعد التفرّق، وهذا ظاهر جدًّا فِي انفساخ البيع بفسخ أحدهما، قَالَ الخطابي: هَذَا أوضح شيء فِي ثبوت خيار المجلس، وهو مبطل لكل تأويل، مخالف لظاهر الْحَدِيث، وكذلك قوله فِي آخره:"وإن تفرقا بعد أن تبايعا": فيه البيان الواضح أن التفرق بالبدن، هو القاطع للخيار، ولو كَانَ معناه التفرق بالقول، لخلا الْحَدِيث عن فائدة. انتهى.
وَقَدْ أقدم الداودي عَلَى ردّ هَذَا الْحَدِيث، المتفق عَلَى صحته، بما لا يُقبَل منه، فَقَالَ: قول الليث فِي هَذَا الْحَدِيث: "وكانا جميعاً الخ": ليس بمحفوظ؛ لأن مقام الليث فِي نافع، ليس كمقام مالك، ونظرائه. انتهى. وهو رَدٌّ لما اتفق الأئمة عَلَى ثبوته، بغير مُستَنَد، وأيُّ لَوْم عَلَى منْ روى الْحَدِيث، مُفَسَّرًا لأحد محتملاته، حافظاً منْ ذلك، ما لم يحفظه غيره، مع وقوع تعدد المجلس، فهو محمول عَلَى أن شيخهم حدثهم به تارة مفسرا، وتارة مختصرا. قاله فِي "الفتح" ٥/ ٦١.
والحديث متّفقٌ عليه، كما سبق بيانه. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
قَالَ الجامع عفاَ الله تعالى عنه: رجال هَذَا الإسناد كلهم رجال الصحيح، وتقدّموا غير مرّة.
و"عبد الوهاب": هو ابن عبد المجيد الثقفيّ البصريّ. و"يبيح بن سعيد": هو الأنصاريّ المدنيّ.
وقوله:"قَالَ نافع: فكان عبد الله الخ" موصول بالإسناد المذكور، وَقَدْ ذكره مسلم أيضاً منْ طريق ابن جريج، عن نافع، وهو ظاهر فِي أن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما كَانَ يذهب إلى أن التفرّق المذكور بالأبدان، كما سبق بيانه. والحديث دليلٌ فِي ثبوت الخيار لكلّ منْ المتبايعين ما داما فِي المجلس. أفاده فِي "الفتح" ٥/ ٥٤.
وقوله:"فارق صاحبه" أي خوفًا منْ أن يردّ البائع البيع بما له منْ الخيار، قَالَ السنديّ: فانظر إلى ما فهم عبد الله منْ الْحَدِيث، وهو راويه، هل هو الذي يقول