للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

التابعين يروي بعضهم عن بعض: ابن عجلان، عن عمرو، عن أبيه، ورواية الأوّلين منْ رواية الأقران، وفيه رواية الابن عن أبيه، عن جدّه. والله تعالى أعلم.

"ابن عجلان": هو محمد، أبو عبد الله المدنيّ، صدوق [٥] ٣٦/ ٤٠. والله تعالى أعلم.

شرح الْحَدِيث

(عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ) شعيب بن محمد بن عبد الله (عَنْ جَدِّهِ) الضمير لشعيب، لا لعمرو، على الصحيح؛ لأنه لو كَانَ له، لكان مرسلاً؛ لأن جده، وهو محمد تابعيّ، وأما جدّ شعيب، فهو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، وهو صحابيّ مشهور، وَقَدْ سبق الكلام عَلَى هَذَا السند غير مرّة، فلا تغفل (أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: "الْمُتُبَايِعَانِ بالْخِيَارِ) أي بين إمضاء البيع، وفسخه (مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا) أي بأبدانهما، عَلَى ما عليه الجمهور، وهو الصواب، ويدلّ عليه قوله هنا: "ولا يحلّ له أن يفارقه الخ" (إِلَّا أَنْ يَكُونَ صَفْقَةَ خِيَارٍ) بفتح الصاد المهملة، وإسكان الفاء، وفتح القاف: أي بيعة خيار، وسُمّي البيع صفقةً؛ لأن المتبايعين يضع أحدهما يده فِي يد الآخر (وَلَا يَحِلُّ لَهُ أنْ يُفَارِقَ صَاحِبَهُ؛ خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَقِيلَهُ) قَالَ السنديّ رحمه الله تعالى: أي يُبطل البيع بسبب ما له منْ الخيار، فهذا يفيد وجود خيار المجلس، وإلا فلا خشية. وقيل: بل ينفيه؛ لأن طلب الإقالة إنما يُتصوّر إذا لم يكن له خيار، وإلا فيكفيه ما له منْ الخيار فِي إبطاله البيع عن طلب الإقالة منْ صاحبه. والله تعالى أعلم. انتهى.

وَقَالَ ابن قُدامة رحمه الله تعالى: قوله: "إلا أن تكون صفقة خيار" يحتمل أنه أراد البيع المشروط فيه الخيار، فإنه لا يلزم بتفرّقهما، ولا يكون تفرّقهما غاية للخيار فيه؛ لكونه ثابتًا به تفرّقهما. ويحتمل أنه أراد البيع الذي شَرَطا فيه أن لا يكون بينهما فيه خيار، فيلزم بمجرّد العقد منْ غير تفرّق. وظاهر الْحَدِيث تحريم مفارقة أحد المتبايعين لصاحبه؛ خشيةً منْ فسخ البيع، وهذا ظاهر كلام أحمد فِي رواية الأثرم، فإنه ذُكر له فعل ابن عُمر، وحديث عمرو بن شُعيب، فَقَالَ: هَذَا الآن قول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-. وهذا اختيار أبي بكر، وذكر القاضي أن ظاهر كلام أحمد جواز ذلك؛ لأن ابن عمر كَانَ إذا اشترى شيئاً، يُعجبه فارق صاحبه، متّفقٌ عليه. والأول أصحّ؛ لأن قول النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يُقدّم عَلَى فعل ابن عمر، والظاهر أن ابن عمر لم يبلغه هَذَا، ولو بلغه لما خالفه. انتهى "المغني" ٨/ ١٤ - ١٥.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن القول الثاني أرجح، ولا تنافي بينه وبين فعل ابن عمر رضي الله تعالى عنهما؛ لإمكان حمل النهي عَلَى ما إذا علم المفارق أن