للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

صاحبه سيلحقه بذلك ضررٌ يورثه الندم والأسف، وأما إذا لم يكن كذلك، فلا؛ لأن قوله -صلى الله عليه وسلم-: "ما لم يتفرّقا" شاملٌ لمفارقة أحدهما للآخر، ودليلٌ عَلَى جوازه، فتأمّل. والله تعالى أعلم.

وَقَالَ الحافظ وليّ الدين رحمه الله تعالى: استدلّ بهذه الزيادة -يعني قوله: "ولايحلّ له الخ" عَلَى عدم ثبوت خيار المجلس منْ حيث إنه لولا أن العقد لازم لما احتاج إلى استقالته، ولا طلب الفرار منْ الاستقالة، وجوابه منْ وجهين:

[أحدهما]: أن قوله: "لا يحلّ" لفظة منكرة، فإن صحّت، فليست عَلَى ظاهرها؛ لإجماع المسلمين عَلَى أنه جائز له أن يفارقه؛ لينفّذ بيعه، ولا يقيله، إلا أن يشاء.

[ثانيهما]: أنه أراد بالإقالة هنا الفسخ بحكم الخيار، فإنه الذي ينقطع بالمفارقة، أما طلب الإقالة بالاختيار، فلا فرق بين أن يتفرّقا، أو لا، فإن ذلك إنما يكون بالرضا منهما، وهو جائز بعد التفرّق. انتهى. "طرح التثريب" ٦/ ١٥٢.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: الجواب الثاني عندي أقرب؛ لأنه أولى منْ دعوى النكارة المذكورة، ويُحمل هَذَا النهي عَلَى ما إذا علم أن صاحبه يتضرّر بمفارقته، حيث يلزمه البيع، فإذا عرف ذلك، فلا يجوز له أن يوقعه فِي الضرر، بل يلازمه، ولا يفارقه حَتَّى يكون له مهلة للتروّي، والتفكّر فِي مصلحته، فيختار الإمضاء، أو الفسخ. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:

(المسألة الأولى): فِي درجته:

حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه هَذَا حسنٌ، كما قَالَ الترمذيّ رحمه الله تعالى.

(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا -١١/ ٤٤٨٥ - وفي "الكبرى" ١٠/ ٦٠٧٥. وأخرجه (د) فِي "البيوع" ٣٤٥٦ (ق) فِي "التجارات" ٢١٨٣. والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): فِي فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان ثبوت خيار المجلس للمتبايعين. (ومنها): أن التفرّق يكون بالأبدان، لا بالأقوال، كما قيل. (ومنها): أنه إذا خيّر أحدهما صاحبه فِي المجلس، بأن قَالَ له: اختر، فاختار، انقطع خيار المجلس، ولزم البيع. (ومنها): وجوب النصيحة عَلَى المتبايعين، فلا يجوز لأحدهما أن يوقع الآخر فِي الندم، باستعجاله فِي لزوم البيع، وذلك بالمفارقة لمجلس البيع، بل عليه أن