للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

-رضي الله عنه-، وقيل: والده منقذ -رضي الله عنه-، كما تقدّم فِي الْحَدِيث الماضي (كَانَ فِي عُقْدَتِهِ) -بضم العين، وفتح الدال المهملتين، بينهما قاف ساكنة-: أي فِي رأيه، ونظره فِي مصالح نفسه وعقله. وقيل: هي العقدة فِي اللسان لما فِي بعض الروايات منْ أنه أصابته مأمومة، فكسرت لسانه، حَتَّى كَانَ يقول: لا خيابة، بالياء، كما فِي "صحيح مسلم"، أو "لا خذابة" بالذال، كما عند غيره (ضَعْفٌ) بفتح الضاد المعجمة، وضمها، قرىء بهما فِي السبع، وَقَالَ الفيّوميّ: الضَّعف بفتح الضاد فِي لغة تميم، وبضمّها فِي لغة قريش: خلاف القوّة، والصحّة، فالمضموم مصدرُ ضَعُفَ، مثالُ قرُب قُرْبًا، والمفتوح مصدر ضَعَفَ ضَعْفًا، منْ باب قَتَلَ، ومنهم منْ يجعل المفتوح فِي الرأي، والمضموم فِي الجسد. انتهى (كَانَ يُبَايعُ) بالبناء للفاعل، أي يبيع للناس، ويشتري منهم، أو بالبناء للمفعول: أي يبيع له النَّاس، ويشترون منه (وَأَنَّ أَهْلَهُ أَتَوُا النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ الله احْجُرْ عَلَيهِ) بضم الجيم: أمر منْ الحجر، يقال: حجر عليه حَجْرًا، منْ باب قتل: إذا منعه منْ التصرّف، فهو محجور عليه، والفقهاء يحذفون الصلة؛ تخفيفًا لكثرة الاستعمال، ويقولون: محجورٌ، وهو سائغ. قاله الفيّوميّ (فَدَعَاهُ نَبِيُّ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَنَهَاهُ) أي منعه منْ التبايع مع النَّاس؛ لئلا يقع فِي الغبن (فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، إِنِّي لَا أَصْبِرُ) بكسر الباء، منْ الصبر، وهو الحبس، والفعل منْ باب ضرب (عَنِ الْبَيْعِ) يعني أنه مُغرَم بحبّ البيع، فلا يقدر عَلَى حبس نفسه عنه (قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (إِذَا بعْتَ، فَقُل: لَا خِلَابَةَ") أي لا خديعة، وفي رواية أبي داود: "إن كنت غير تارك للبيع، فقل: هاء، وهاء، ولا خلابة فقوله: "هاء" بالمدّ، وفتح الهمزة، وقيل: بالكسر، وقيل: بالسكون. قَالَ فِي "المجمع": هو أن يقول كلّ منْ المتبايعين: هاء، فيعطيه ما فِي يده، كحديث "إلا يداً بيد". وقيل: معناه: هاك، وهات: أي خذ، وأعط.

قَالَ فِي "النيل": اختلف العلماء فِي هَذَا الشرط، هل كَانَ خاصًا بهذا الرجل، أم يدخل فيه جميع منْ شرط هَذَا الشرط، فعند أحمد، ومالك فِي رواية عنه أنه يثبت الردّ لكل منْ شرط هَذَا الشرط، ويُثبتون الرد بالغبن لمن لم يعرف قيمة السلع. وأجيب بأن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- إنما جعل لهذا الرجل الخيار للضعف الذي كَانَ فِي عقله، كما فِي حديث أنس -رضي الله عنه-، فلا يُلحق به إلا منْ كَانَ مثله فِي ذلك بشرط أن يقول هذه المقالة، ولهذا روي أنه كَانَ إذا غُبن يشهد له رجل منْ الصحابة أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قد جعله بالخيار ثلاثاً، فيرجع فِي ذلك، وبهذا يتبيّن أنه لا يصحّ الاستدلال بمثل هذه القصّة عَلَى ثبوت الخيار لكلّ مغبون، وإن كَانَ صحيح العقل، ولا عَلَى ثبوت الخيار لمن كَانَ ضعيف العقل إذا غُبن، ولم يقل هذه المقالة، وهذا مذهب الجمهور، وهو الحقّ. انتهى ملخّصًا.