عدوكم، ورابطوا: على دينكم، وعن الحسن أنه قال:{اصْبِرُوا} على المصيبة {وَصَابِرُوا}: على الصلوات {وَرَابِطُوا}: في الجهاد في سبيل الله تعالى. وعن قتادة أنه قال:{اصْبِرُوا} على طاعة الله تعالي {وَصَابِرُوا}: أهل الضلال {وَرَابِطُوا}: في سبيل الله، وهو قريب من الأول، والأول أولى. اهـ روح المعاني ج ٤ ص ١٧٦.
وقال العلامة القرطبي في تفسيره ما حاصله: اختلفوا في معنى قوله: {وَرَابِطُوا} فقال جمهور الأمة: "رابطوا" أعداءكم بالخيل، أي ارتبطوها كما يرتبطها أعداؤكم، ومنه قوله تعالى {وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ}
وفي الموطأ عن مالك، عن زيد بن أسلم قال: كتب أبو عبيدة ابن الجراح إلى عمر بن الخطاب يذكر له جموعا من الروم وما يتخوف منهم، فكتب إليه عمر: أما بعد، فإنه مهما ينزل بعبد مؤمن من منزل شدة يجعل الله له بعدها فرجا، وإنه لن يغلب عسر يسرين، وإن الله تعالى يقول في كتابه:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.
وقال أبو سلمة بن عبد الرحمن: هذه الآية في انتظار الصلاة بعد الصلاة، ولم يكن في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غزو يرابط فيه. رواه الحاكم أبو عبد الله. واحتج أبو سلمة بقوله عليه السلام:"ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطأ إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذالكم الرباط، ثلاثا". رواه مالك.
قال ابن عطية: والصحيح هو أن الرباط هو الملازمة في سبيل الله، أصلها من ربط الخيل ثم سمي كل ملازم لثغر من ثغور الإسلام مرابطا، فارسا كان أو راجلا. واللفظ مأخوذ من الربط، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: