كلّها. وحكى أصحابنا خلافًا فيما لو لطخ ثوب العبد بمداد، أو ألبسه ثوب الكتّاب، أو الخبّازين، وخيّل كونه كاتبًا، أو خبّازًا، فبان خلافه، أو أكثر علف البهيمة، حَتَّى انتفخ بطنها، فظنها المشتري حاملًا، أو أرسل الزنبور عَلَى ضرعها، فانتفخ، فظنها لبونًا، والأصحّ فِي هذه الصور أنه لا خيار؛ لتقصير المشتري، وأثبت المالكية الخيار فِي تلطيخ الثوب بالمداد. انتهى.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي القول بثبوت الخيار فِي هذه الصور كلها أظهر؛ لأن الغرر بها لا يقلّ عن الغرر بالتصرية. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: رجال هَذَا الإسناد كلهم رجال الصحيح، وتقدّموا.
و"إسحاق بن إبراهيم": هو ابن راهويه. و"عبد الله بن الحارث": هو المخزوميّ، أبو محمّد المكيّ، ثقة [٨] ٣٩/ ٢١٩٣. و"داود بن قيس": هو الفرّاء الدبّاغ المدنيّ، ثقة فاضل [٥] ٩٦/ ١٢٠. و"ابن يسار": هو موسى بن يسار المطّلبيّ مولاهم المدنيّ، عمّ محمّد بن إسحاق، صاحب المغازي، ثقة [٤] ٦٦/ ٣٣٤٩. والسند مسلسل بالمدنيين، غير شيخه، فإنه نيسابوريّ، وعبد الله بن الحارث، فمكيّ، وفيه رواية تابعيّ، عن تابعيّ، وفيه أبو هريرة -رضي الله عنه- رئيس المكثرين فِي الرواية.
وقوله:"إذا حلبها" ظاهره أن صاع التمر متوقّفٌ عَلَى الحلب، كما تقدّم.
وقوله:"فإن كرهها الخ"، وفي رواية البخاريّ منْ طريق ثابت مولى عبد الرحمن بن زيد، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: "وإن سخطها، ففي حلبتها صاع تمر".
قَالَ فِي "الفتح": قوله: "وفي حلبتها" -بسكون اللام، عَلَى أنه اسم للفعل، ويجوز الفتح، عَلَى إرادة المحلوب، وظاهره أن التمر مقابل للحلبة، وزعم ابن حزم أن التمر فِي مقابلة الحلب، لا فِي مقابلة اللبن؛ لأن الحلبة حقيقة فِي الحلب، مجاز فِي اللبن، والحمل عَلَى الحقيقة أولي، فلذلك قَالَ: يجب رد التمر واللبن معا، وشذَّ بذلك عن الجمهور.
وظاهره أيضًا أن صاع التمر، فِي مقابل المصراة، سواء كانت واحدة، أو أكثر؛ لقوله:"منْ اشترى غنمًا" ثم قَالَ: "ففي حلبتها صاع منْ تمر"، ونقله ابن عبد البرّ عمن استعمل الْحَدِيث، وابن بطال عن أكثر العلماء، وابن قُدامة عن الشافعيّة، والحنابلة،