أصواف الماشية وشعورها: إنها للمشتري، ويردّ الماشية إلى البائع، فأما أولادها، فإنه يردّها مع الأمهات.
واختلفوا فِي المبيع إذا كَانَ جارية، فوطئها المشتري، ثم وجد بها عيبًا، فَقَالَ أصحاب الرأي: تلزمه، ويرجع عَلَى البائع بأرش العيب، وكذلك قَالَ الثوريّ، وإسحاق بن راهويه. وَقَالَ ابن أبي ليلى: يردها، ويردّ معها مهر مثلها. وَقَالَ مالك: إن كانت ثيبا ردّها، ولا يردّ معها شيئا، وإن كانت بكرًا، فعليه ما نقص منْ ثمنها. وَقَالَ الشافعيّ: إن كانت ثيّبًا ردّها، ولا شيء عليه، وإن كانت بكرًا لم يكن له ردّها، ويرجع بما نقصها العيب منْ أصل الثمن.
وَقَالَ (١) أصحاب الرأي: الغصوب عَلَى البيوع، منْ أجل ضمانها عَلَى الغاصب، فلم يجعلوا عليه ردّ الغلّة، واحتجّوا بالحديث، وعمومه. قَالَ الخطّابيّ: والحديث إنما جاء فِي البيع، وهو عقد يكون بين المتعاتدين بالتراضي، وليس الغصب بعقد عن تراض منْ المتعاقدين، وإنما هو عدوان، وأصله، وفروعه سواء فِي وجوب الردّ، ولفظ الْحَدِيث مبهم؛ لأن قوله:"الخراج بالضمان" يحتمل أن يكون المعنى: أن ضمان الخراج بضمان الأصل، واقتضاء العموم منْ اللفظ المبهم ليس بالبيّن الجواز، والحديث فِي نفسه ليس بالقويّ، إلا أن أكثر العلماء قد استعملوه فِي البيوع، فالأحوط أن يُتوقّف عنه فيما سواه. انتهى "معالم السنن" ٥/ ١٥٩ - ١٦٠.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: وهذا الذي ردّ به الخطابيّ رحمه الله تعالى عَلَى أصحاب الرأي قياسهم المغصوب عَلَى المبيع، فِي كون غلته لا تردّ إلى البائع، حسنٌ جدًّا، فالحقّ أن المغصوب يجب ردّه، وردّ غلته معه؛ لأن يد الغاصب يد ظالمة، فلا تستحقّ شيئًا منْ فوائد المغصوب، بخلاف المشتري، فإن يده محقّةٌ أمينة، فيستحقّ لذلك الغلّة، فافهم. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريدُ إلا الإصلاح، ما استطعتُ، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكّلت، وإليه أنيب".
…
(١) هكذا نسخة "المعالم"، والظاهر أن الصواب: "وقاس" بالسين بدل اللام، فليحرّر.