وأخرج مالك والشافعي، وأحمد، ومسلم عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"ألا أخبركم بما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات؟ إسباغ الوضوء على المكاره" الحديث.
قال: ولعل هذه الرواية عن أبي هريرة أصح من الرواية الأولى مع ما في الحكم فيها بأنه لم يكن في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - غَزْو يرابطون فيه من البعد، بل لا يكاد يسلم ذلك له، ثم إن هذه الرواية وإن كانت صحيحة لا تنافي التفسير المشهور لجواز أن تكون اللام في الرباط فيها للعهد، ويراد به الرباط في سبيل الله تعالى، ويكون قوله عليه السلام فذالكم الرباط من قَبيل "زيدٌ أسَدٌ"، والمراد تشبيه ذلك بالرباط على وجه المبالغة. اهـ روح المعاني ج ٤ ص ١٧٦.
قال الجامع عفا الله عنه:
هذا الذي قاله العلامة الألوسي من الحسن بمكان، وهو الذي تقدم تصحيح ابن عطية له.
والحاصل أن الراجح في تفسير الآية هو قول الجمهور، وهو أن المعنى هو ملازمة ثغر العدو، وأما الحديث فالمراد بالرباط فيه تشبيه هذه الخصال بالرباط في سبيل الله على وجه المبالغة. والله أعلم.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب".