للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وحكى ابن عبد البرّ عن الليث بن سعد أنه قَالَ: أكره تلقي السلع، وشراءها فِي الطريق، أو عَلَى بابك، حَتَّى تقف السلعة فِي سوقها التي تباع فيها، قَالَ: وإن كَانَ عَلَى بابه، أو فِي طريقه، فمرّت به سلعة، يريد صاحبها سوق تلك السلعة، فلا بأس أن يشتريها، إذا لم يقصد التلقّي، إنما التلقّي أن يقصد لذلك. انتهى "طرح التثريب" ٦/ ٦٨ - ٦٩.

وذكر ابن حزم أن حديث ابن عمر هَذَا استدلّ به منْ أجاز التلقّي، قَالَ: ولا حجة لهم فيه؛ لستّة أوجه:

[أحدها]: أن المحتجّين به هم القائلون بأن الصاحب إذا روى خبرًا، ثم خالفه، فقوله حجة فِي ردّ الخبر، وَقَدْ صحّ عن ابن عمر الفتيا بترك التلقّي. [ثانيها]: أنه لا كراهة عندهم فِي بيع الطعام حيث ابتاعه. [ثالثها]: أن معنى قوله: "فنهانا أن نبيعه": أن نبتاعه. [رابعها]: أن هَذَا منسوخ بالنهي. [خامسها]: أنه محمول عَلَى أن البائعين أجازوا البيع. [سادسها]: ما قدّمته منْ أن الرواية الأخرى بيّنت أن التلقّي كَانَ إلى أعلى السوق منْ غير خروج عنه. انتهى منْ "المحلى" ٨/ ٤٥١ باختصار. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٤٥٠١ - (أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: قُلْتُ لأَبِي أُسَامَةَ: أَحَدَّثَكُمْ عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، عَنْ تَلَقِّي الْجَلَبِ، حَتَّى يَدْخُلَ بِهَا السُّوقَ؟، فَأَقَرَّ بِهِ أَبُو أُسَامَةَ، وَقَالَ: نَعَمْ").

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: رجال هَذَا الإسناد كلهم رجال الصحيح، وتقدّموا غير مرّة.

و"أبو أسامة": هو حماد بن أُسامة.

وقوله: "قلت لأبي أسامة الخ" هَذَا طريق منْ طرق تحمّل الْحَدِيث، يسمّى العَرْض، وهو القراءة عَلَى الشيخ، وهو صحيح، بلا خلاف بين الجمهور، إذا أقرّ الشيخ بذلك لفظا، كما فِي هذه الرواية، حيث قَالَ أبو أسامة: نعم، وإنما الخلاف فيما إذا سكت، والأكثرون عَلَى صحة الرواية بها.

قَالَ فِي "تدريب الراوي": إذا قرأ عَلَى الشيخ، قائلا: أخبرك فلان، أو نحوه، كقلت: أخبرنا فلان، والشيخ مصغ إليه، فاهم له، غير منكر، ولا مُقِرّ لفظا، صح السماع، وجازت الرواية به؛ اكتفاء بالقرائن الظاهرة، ولا يشترط نطق الشيخ بالإقرار، كقوله: نعم عَلَى الصحيح الذي قطع به جماهير أصحاب الْحَدِيث، والفقه، والأصول، وشرط بعض الشافعيين، كالشيخ أبي إسحاق الشيرازي، وابن الصباغ، وسُلَيم الرازي، وبعض الظاهريين نطقه به، وَقَالَ ابن الصباغ: ليس له إذا رواه عنه، أن يقول: حدثني،