وَقَالَ الحافظ وليّ الدين رحمه الله تعالى: قَالَ أصحابنا بدوّ الصلاح بظهور النّضج، ومبادىء الحلاوة، وزوال العُفُوصة (١)، أو الحموضة المفرطتين، وذلك فيما لا يتلوّن بأن يتموّه، ويَلين، وفيما يتلوّن بأن يحمرّ، أو يصفرّ، أو يسودّ، قالوا: وهذه الأوصاف، وإن عُرف بها بدوّ الصلاح، فليس واحد منها شرطًا فيه؛ لأن القثّاء لا يُتصوّر فيه شيء منها، بل يُستطاب أكله صغيرًا وكبيرا، وإنما بدوّ صلاحه أن يكبر، بحيث يُجنى فِي الغالب، ويؤكل، وإنما يؤكل الصغير عَلَى الندور، وكذا الزرع لا يُتصوّر فيه شيء منها باشتداد الحبّ. وَقَالَ البغويّ: بيع أوراق التوت قبل تناهيها لا يجوز إلا بشرط القطع، وبعده يجوز مطلقًا، وبشرط القطع. والعبارة الشاملة أن يُقال: بدوّ الصلاح فِي هذه الأشياء صيرورتها إلى الصفة التي تطلب غالبًا لكونها عَلَى تلك الصفة. انتهى "طرح" ٦/ ١٢٩.
وقوله (نَهَى الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ") قَالَ وليّ الدين: تأكيد لما فيه منْ بيان أن البيع، وإن كَانَ فيه مصلحة الإنسان، فليس له أن يرتكب المنهيّ عنه فيه، ويقول: أسقطتُ حقّي منْ اعتبار المصلحة، فإن المنع لمصلحة المشتري؛ لأن الثمار قبل بُدُوّ الصلاح مُعَرَّضةٌ لطوارىء العاهات عليها، فإذا طرأ عليها شيء منها حصل الإجحاف للمشتري فِي الثمن الذي بذله، فنهى الشرع المشتري، كما نهى البائع، وكأنه قطع بذلك النزاع، والتخاصم. انتهى "طرح" ببعض تصرّف.
وَقَالَ فِي "الفتح" ٥/ ١٤١: أما البائع؛ فلئلا يأكل مال أخيه بالباطل، وأما المشتري؛ فلئلا يَضِيع ماله، ويساعد البائع عَلَى الباطل، وفيه أيضًا قطع النزاع والتخاصم. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما هَذَا متَّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه: