هو محمول عَلَى ما هلك قبل تسليم المبيع إلى المشتري، فإنه فِي ضمان البائع، بخلاف ما هلك بعد التسليم؛ لأن المبيع قد خرج عن عُهْدة البائع بالتسليم إلى المشتري، فلا يلزمه ضمان ما يَعتريه بعده. واستُدلّ عَلَى ذلك بحديث أبي سعيد -رضي الله عنه- الآتي؛ لأنه لو كانت الجوائح موضوعةً، لم يصر مديونًا بسببها. وسيأتي تمام البحث فِي المسألة الرابعة، إن شاء الله تعالى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث جابر -رضي الله عنه- هَذَا أخرجه مسلم.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -٣٠/ ٤٥٢٩ و٤٥٣٠ و٤٥٣١ - وفي "الكبرى" ٢٩/ ٦١١٨ و٦١١٩ و٦١٢٠. وأخرجه (م) فِي "البيوع" ١٥٥٤ (د) فِي "البيوع" ٣٣٧٤ و٣٤٧٠ (ق) فِي "التجارات" ٢٢١٩ (أحمد) فِي "باقي مسند المكثرين" ١٣٩٠٨ (الدارمي) فِي "البيوع" ٢٤٤٣. والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): فِي فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان حكم وضع الجوائح، والظاهر أنه يرى وجوبه، حيث أورد حديث جابر -رضي الله عنه-، وفيه قوله -صلى الله عليه وسلم-: "فلا يحلّ لك أن تأخذ منه شيئاً"، فإنه يدلّ عَلَى وجوب وضع الجائحة، وبه قَالَ بعض أهل العلم، وهو الراجح، كما سيأتي بيانه فِي المسألة التالية، إن شاء الله تعالى.
(ومنها): جواز بيع الثمار، ولا خلاف فيه فِي الجملة، وإنما الخلاف فيما إذا كَانَ قبل بدوّ الصلاح، وَقَدْ تقدّم بيان ذلك مستوفًى فِي الباب الماضي. (ومنها): تحريم أخذ مال المسلم بغير حقّ. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة) فِي اختلاف أهل العلم فِي حكم وضع الجائحة:
قَالَ فِي "الفتح": استُدِلَّ بهذا الْحَدِيث عَلَى وضع الجوائح فِي الثمر يُشتَرى بعد بُدُوّ صلاحه، ثم تصيبه جائحة، فَقَالَ مالك: يضع عنه الثلث، وَقَالَ أحمد، وأبو عبيد: يضع الجميع، وَقَالَ الشافعيّ، والليث، والكوفيون: لا يرجع عَلَى البائع بشيء، وقالوا: إنما ورد وضع الجائحة، فيما إذا بيعت الثمرة، قبل بُدُوّ صلاحها بغير شرط القطع، فيُحمل مطلق الْحَدِيث، فِي رواية جابر، عَلَى ما قُيِّد به فِي حديث أنس. والله أعلم.