كاتب الوحي لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ مسروقٌ: كَانَ منْ الراسخين فِي العلم، مات -رضي الله عنه- سنة (٥) أو (٤٨) وقيل: بعد (٥). والباقيان ترجما فِي الباب الماضي. والله تعالى أعلم.
لطائف هَذَا الإسناد:
(منها): أنه منْ سداسيات المصنّف رحمه الله تعالى. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح. (ومنها): أنه مسلسل بالمدنيين منْ عبيد الله بن عمر، ويحيى بصريّ، وعُبيد الله سرخسيّ. (ومنها): أن فيه رواية تابعيّ عن تابعيّ، وصحابيّ عن صحابيّ. والله تعالى أعلم.
شرح الْحَدِيث
(عَنْ عَبْدِ اللَّهِ) بن عمر بن الخطّاب رضي الله تعالى عنهما (عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ) رضي الله تعالى عنه (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، رَخَّصَ) -بتشديد الخاء المعجمة- منْ الترخيص، وهو التسهيل فِي الأمر، والتيسير فيه، يقال: رخّص الشرع لنا فِي كذا ترخيصًا، وأرخص إرخاصًا: إذا يسّره، وسهّله. قاله الفيّوميّ (فِى بَيْعِ الْعَرَايَا) أي فِي بيع ثمر العرايا؛ لأن العرايا جمع عريّة، وهي النخلة، فيكون الكلام منْ باب حذف المضاف، وإقامة المضاف إليه مُقامه (تُبَاعُ) أي يباع ثمرها، كما بيّناه آنفاً، والجملة فِي محل نصب عَلَى الحال، وفي حديث سهل بن أبي حثْمة الآتي:"أن تباع" بزيادة "أن" وعليه فيكون فِي تأويل المصدر بدلًا منْ "بيع العرايا"(بِخِرْصِهَا) هو بفتح الخاء المعجمة، وأشار ابن التين إلى جواز كسرها، وجزم ابن العربيّ بالكسر، وأنكر الفتح، وجوّزهما النوويّ، وَقَالَ الفتح أشهر، قَالَ: ومعناه: تقدير ما فيها إذا صار تمرًا، فمن فتح قَالَ: هو اسم للفعل، ومن كسر قَالَ: اسم للشيء المخروص. انتهى. والخرص: هو التخمين، والْحَدْسُ. وسيأتي مزيد بسط فِي الكلام عليه فِي تفسير العرايا الآتي فِي المسألة الأولى، إن شاء الله تعالى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: هَذَا الْحَدِيث متَّفقٌ عليه، وَقَدْ تقدّم تخريجه فِي ٣٢/ ٤٥٣٤ - وبقيت هنا مسائل تتعلّق به:
(المسألة الأولى): فِي اختلاف أهل العلم فِي تفسير العرايا:
قَالَ الإِمام البخاريّ رحمه الله تعالى ٢/ ٧٦٤ - ٧٦٥:
[باب تفسير العرايا]: وَقَالَ مالك: العرية أن يُعرِي الرجل الرجل النخلة، ثم يتأذى