للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بدخوله عليه، فرخص له أن يشتريها منه بتمر. وَقَالَ ابن إدريس: العرية، لا تكون إلا بالكيل منْ التمر، يدا بيد، لا يكون بالْجِزاف. ومما يقويه: قول سهل بن أبي حثمة: "بالأوسق الموسقة". وَقَالَ ابن إسحاق فِي حديثه، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما: كانت العرايا، أن يُعري الرجل فِي ماله النخلة والنخلتين. وَقَالَ يزيد، عن سفيان بن حسين: العرايا نخل، كانت توهب للمساكين، فلا يستطيعون أن ينتظروا بها، فرُخِّص لهم أن يبيعوها بما شاؤوا منْ التمر.

ثم أخرج بسنده عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، عن زيد بن ثابت رضي الله عنهم، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، رَخَّص فِي العرايا أن تباع بخرصها كيلا، قَالَ موسى بن عقبة: والعرايا نخلات معلومات، تأتيها فتشتريها. انتهى.

قَالَ فِي "الفتح": قوله: وَقَالَ مالك: العرية أن يُعريَ الرجل الرجل النخلة: أي يهبها له، أو يهب له ثمرها، ثم يتأذى بدخوله عليه، فرُخص له: أي للواهب أن يشتريها: أي يشتري رُطَبَها منه: أي منْ الموهوبة له بتمر: أي يابس.

وهذا التعليق وصله ابن عبد البرّ منْ طريق ابن وهب، عن مالك. وروى الطحاوي منْ طريق ابن نافع، عن مالك: أن العرية: النخلة للرجل فِي حائط غيره، وكانت العادة أنهم يخرُجون بأهليهم فِي وقت الثمار إلى البساتين، فيَكرَه صاحب النخل الكثير، دخول الآخر عليه، فيقول له: أنا أعطيك بخرص نخلتك تمرا، فرُخِّص له فِي ذلك.

ومن شرط العرية عند مالك: أنها لا تكون بهذه المعاملة، إلا مع الْمُعرِي خاصة؛ لما يدخل عَلَى المالك منْ الضرر، بدخول حائطه، أو ليدفع الضرر عن الآخر بقيام صاحب النخل بالسقي، والكُلَف، ومن شرطها أن يكون البيع بعد بُدُوّ الصلاح، وأن يكون بتمر مؤجل، وخالفه الشافعيّ فِي الشرط الأخير، فَقَالَ: يشترط التقابض.

وقوله: "وَقَالَ ابن إدريس: العرية لا تكون إلا بالكيل منْ التمر، يدا بيد، ولا تكون بالجزاف"، ابن إدريس هَذَا رجح ابن التين أنه عبد الله الأودي الكوفيّ، وتردد ابن بطال، ثم السبكي، فِي "شرح المهذب"، وجزم المزي فِي "التهذيب" بأنه الشافعيّ، والذي فِي "الأم" للشافعي، وذكره عنه البيهقي، فِي "المعرفة" منْ طريق الربيع عنه، قَالَ: العرايا أن يشتري الرجل ثمر النخلة، فأكثر بخرصه منْ التمر، بأن يُخرَص الرُّطب، ثم يُقَدّر كم ينقص إذا يبس؟، ثم يشتري بخرصة تمرا، فإن تفرقا قبل أن يتقابضا، فسد البيع. انتهى.

وهذا وإن غاير ما علقه البخاريّ لفظا، فهو يوافقه فِي المعنى؛ لأن محصلهما أن لا يكون جزافا، ولا نسيئة.