الْحَدِيث عَلَى أصل الشافعيّ لا يجوز أن يُحتجّ به.
قَالَ الخطابيّ: وليس الأمر عَلَى ما توهّمه، وأبو عيّاش هَذَا مولى لبني زهرة، معروفٌ، وَقَدْ ذكره مالكٌ فِي "الموطّإ"، وهو لا يروي عن رجل متروك الْحَدِيث بوجه، وهذا منْ شأن مالك، وعادته معلوم. انتهى كلام الخطّابيّ "معالم السنن" ٥/ ٣٥.
وَقَالَ المنذريّ رحمه الله تعالى -بعد ذكر كلام الخطّابيّ- وَقَدْ حُكي عن بعضهم أنه قَالَ. زيد أبو عيّاش مجهول، وكيف يكون مجهولا؟ وَقَدْ روى عنه اثنان ثقتان: عبد الله بن يزيد، مولى الأسود بن سفيان، وعمران بن أبي أنس، وهما ممن احتجّ به مسلم فِي "صحيحه"، وَقَدْ عرفه أئمة هَذَا الشان، هَذَا الإِمام مالك قد أخرج حديثه فِي "موطئه"، مع شدّة تحرّيه فِي الرجال، ونقده، وتتبعه لأحوالهم، والترمذيّ قد أخرج حديثه، وصححه، وصحح حديثه أيضًا الحاكم أبو عبد الله النيسابوريّ، وَقَدْ ذكره مسلم بن الحجّاج فِي "كتاب الكنى"، وذكر أنه سمع منْ سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه-، وذكره أيضًا الحافظ أبو أحمد الكرابيسيّ، فِي "كتاب الكنى"، وذكر أنه سمع منْ سعد ابن أبي وقّاص -رضي الله عنه-، وذكره أيضًا النسائيّ فِي "كتاب الكنى"، وما علمت أحدًا ضعّفه، والله عزّ وجلّ أعلم. انتهى كلام المنذريّ رحمه الله تعالى "مختصر السنن" ٥/ ٣٣ - ٣٥.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تبيّن بما ذُكر أن زيد بن عياش ثقة معروف، وحديثه هَذَا صحيح. والله تعالى أعلم بالصواب.
[تنبيه آخر]: أخرج أبو داود رحمه الله تعالى فِي "سننه" حديث سعد -رضي الله عنه- هَذَا منْ طريق يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن يزيد، مولى الأسود بن سفيان، أن أبا عيّاش أخبره، أنه سمع سعد بن أبي وقّاص -رضي الله عنه- يقول:"نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الرُّطَب بالتمر نسيئة" انتهى. فزاد "نسيئة"، قَالَ أبو الحسن الدارقطنيّ رحمه الله تعالى: خالفه مالك، وإسماعيل بن أُميّة، والضحّاك بن عثمان، وأُسامة بن زيد، رووه عن عبد الله ابن يزيد، ولم يقولوا فيه:"نسيئة"، واجتماع هؤلاء الأربعة عَلَى خلاف ما رواه يحيى -يعني ابن أبي كثير- يدلّ عَلَى ضبطهم للحديث. وَقَالَ أبو بكر البيهقيّ رحمه الله تعالى: ورواه عمران بن أبي أنس، عن أبي عيّاش، نحو رواية مالك، وليست فيه هذه الزيادة. انتهى "مختصر السنن" للمنذريّ ٥/ ٣٥ - ٣٦.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: الحقّ أن هذه الزيادة شاذّة مطّرحه؛ لمخالفتها الأحاديث الصحيحة فِي منع بيع الرطب بالتمر مطلقًا، قَالَ البيهقيّ رحمه الله تعالى: وهذا يخالف رواية الجماعة، وإن كَانَ محفوظًا، فهو حديث آخر، والخبر يصرّح بأن