المنع إنما كَانَ لنقصان الرطب فِي البعض، وحصول الفضل بينهما بذلك، وهذا المعنى يمنع منْ أن يكون النهي لأجل النسيئة، فلذلك لم تُقبل هذه الزيادة ممن خالف الجماعة بروايتها فِي هَذَا الْحَدِيث. وَقَدْ روينا فِي الْحَدِيث عن ابن المسيّب، وأبي سلمة، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قَالَ:"لا تبتاعوا الثمر حَتَّى يبدو صلاحه، ولا تبتاعوا الثمر بالتمر". وفي الْحَدِيث الثابت عن سالم بن عبد الله، عن أبيه، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تبيعوا ثمر النخل بتمر النخل"، وفي رواية إبراهيم بن سعد، عن الزهريّ، عن سالم، عن أبيه، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "لا تبايعوا الثمر بالتمر"، هكذا روي مقيّدًا. انتهى. وحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- المذكور رواه مسلم. وحديث ابن عمر رصي الله عنهما متَّفقٌ عليه، ولفظ "الصحيحين": "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الثمر حَتَّى يبدو صلاحه، وعن بيع الرُّطب بالتمر". انتهى "تهذيب السنن" لابن القيّم، منْ هامش "إعلاء السنن" ٥/ ٣٢ - ٣٣.
والحاصل أن الْحَدِيث بدون هذه الزيادة هو الذي يوافق هذه الأحاديث الصحاح، وأما معها فإنه يخالفها، فهي إذًا شاذّة منكرة، فافهم. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر "المصنّف" له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -٣٦/ ٤٥٤٧ و٤٥٤٨ - وفي "الكبرى" ٣٦/ ٦١٣٦ و٦١٣٧. وأخرجه (د) فِي "البيوع" ٣٣٥٩ (ت) فِي "البيوع" ١٢٢٥ (ق) فِي "التجارات" ٢٢٦٤ (أحمد) فِي "مسند العشرة" ١٥١٨ و١٥٤٧ (الموطأ) فِي "البيوع" ١٣١٦. والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): فِي فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان حكم اشتراء التمر بالرطب، وهو المنع؛ لعدم المماثلة مع اتحاد الجنس. (ومنها): أن فيه بيان تحريم الربا، وأن علة تحريمه هو ظلم أحد المتابيعين، بسبب نقص يلحقه. (ومنها): بيان اهتمام الشارع ببيان علّة التحريم، حَتَّى يكون المكلّفون عَلَى بصيرة منْ المنهيات، وأنه إنما نُهي عنها للضرر اللاحق ببعصهم ببخس حقّه. (ومنها): أن فيه تحريم أكل أموال النَّاس بالباطل، كالربا، ونحوه، كما قَالَ سبحانه وتعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} الآية [النِّساء: ٢٩]. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): فِي اختلاف أهل العلم فِي بيع الرَّطْب باليابس منْ جنس واحد: قَالَ ابن قُدامة رحمه الله تعالى: ما حاصله: ولا يباع الرَّطْب مما يجري فيه الربا،