للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لِابْنِ عَبَّاسِ) وفي رواية البخاريّ، منْ طريق ابن جريج، عن عمرو بن دينار أن أبا صالح أخبره أنه سمع أبا سعيد الخدريّ -رضي الله عنه- يقول: "الدينار بالدينار، والدرهم بالدرهم"، زاد فِي رواية مسلم: "مثلاً بمثل، منْ زاد، أو ازداد، فقد أربى"، فقلت له: فإن ابن عبّاس لا يقوله، فَقَالَ أبو سعيد: سألته، فقلت: سمعته منْ النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، أو وجدته فِي كتاب الله؟ الْحَدِيث.

(أَرَأَيْتَ) أي أخبرني (هَذَا الَّذِي تَقُولُ) بحذف ضمير النصب، وهو جائز، لكونه فضلة، كما قَالَ ابن مالك فِي خلاصته:

وَحَذْفَ فَضْلَةِ أَجِزْ إِنْ لَمْ يَضِرْ … كَحَذْفِ مَا سِيقَ جَوَابًا أوْ حُصِرْ

أي تقوله، والذي يقوله: هو أنه لا ربا فِي الفضل فإما كَانَ يدًا بيد، وهكذا ابن عمر -رضي الله عنهم- يقول، فقد أخرج مسلم فِي "صحيحه" ج: ٣ ص: ١٢١٧ منْ طريق أبي نضرة، قَالَ: سألت ابن عمر وابن عباس، عن الصرف؟ فلم يريا به بأسا، فإني لقاعد عند أبي سعيد الخدريّ، فسألته عن الصرف؟ فَقَالَ: ما زاد فهو ربا، فأنكرت ذلك لقولهما، فَقَالَ: لا أحدثك إلا ما سمعتُ منْ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، جاءه صاحب نخله بصاع منْ تمر طيب، وكان تمر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- هَذَا اللون، فَقَالَ له النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "أَنَّى لك هَذَا؟ "، قَالَ: انطلقت بصاعين، فاشتريت به هَذَا الصاع، فإن سعر هَذَا فِي السوق كذا، وسعر هَذَا كذا، فَقَالَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ويلك أربيت، إذا أردت ذلك، فبع تمرك بسلعة، ثم اشتر بسلعتك أَيَّ تمر شئت؟ "، قَالَ أبو سعيد: فالتمر بالتمر أحق أن يكون ربا، أم الفضة بالفضة؟، قَالَ: فأتيت ابن عمر بعد ذلك، فنهاني، ولم آت ابن عباس، قَالَ: فحدثني أبو الصهباء، أنه سأل ابن عباس عنه بمكة؟ فكرهه. انتهى.

قَالَ النوويّ رحمه الله تعالى فِي "شرحه": ١١/ ٢٣: معنى ما ذكره أوّلا عن ابن عمر وابن عباس -رضي الله عنهم- أنهما كانا يعتقدان أنه لا ربا فيما كَانَ يدا بيد، وأنه يجوز بيع درهم بدرهمين، ودينار بدينارين، وصاع تمر بصاعين منْ التمر، وكذا الحنطة، وسائر الربويات، كانا يريان جواز بيع الجنس بعضه ببعض متفاضلا، وأن الربا لا يحرم فِي شيء منْ الأشياء، إلا إذا كَانَ نسيئة، وهذا معنى قوله: إنه سألهما عن الصرف، فلم يريا به بأسا، يعني الصرف متفاضلا، كدرهم بدرهمين، وكان مُعتَمَدهما حديث أسامة بن زيد: "إنما الربا فِي النسيئة"، ثم رجع ابن عمر وابن عباس -رضي الله عنهم- عن ذلك، وقالا: بتحريم بيع الجنس بعضه ببعض متفاضلا، حين بلغهما حديث أبي سعيد، كما ذكره مسلم منْ رجوعهما صريحا.

وهذه الأحاديث التي ذكرها مسلم، تدل عَلَى أن ابن عمر وابن عباس -رضي الله عنهم- لم يكن