قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: رجال هَذَا الإسناد كلهم رجال الصحيح، وَقَدْ تقدّموا غير مرّة.
و"عبد الرزاق": هو ابن همّام الصنعانيّ. و"معمر": هو ابن راشد الصنعانيّ.
وقوله:"فأحسب أن كلّ شيء بمنزلة الطعام"، وفي رواية البخاريّ:"ولا أحسب كلّ شيء إلا مثله". وهذا منْ تفقه ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، ومال ابن المنذر إلى اختصاص ذلك بالطعام، واحتجّ باتفاقهم عَلَى أن منْ اشترى عبدًا، فأعتقه قبل قبضه أن عتقه جائز، قَالَ: فالبيع كذلك.
وتعقب بالفارق، وهو تشوف الشارع إلى العتق.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: وَقَدْ تقدّم ترجيح إطلاق المنع، فِي المسألة الرابعة، فِي شرح حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما الماضي، فلا تغفل.
وفي رواية للبخاريّ منْ طريق وُهيب، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنهما:"أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى أن يبيع الرجل طعامًا حَتَّى يستوفيه"، قلت لابن عبّاس: كيف ذاك؟ قَالَ: ذاك دراهم بدارهم، والطعام مرجأ".
قَالَ فِي "الفتح" ٥/ ٨١: معناه: أنه استفهام عن سبب هَذَا النهى، فأجابه ابن عباس بأنه إذا باعه المشتري قبل القبض، وتأخر المبيع فِي يد البائع، فكأنه باعه دراهم بدراهم، ويبين ذلك ما وقع فِي رواية سفيان، عن ابن طاوس عند مسلم، قَالَ طاوس: قلت لابن عباس: لِمَ؟ قَالَ: ألا تراهم يتبايعون بالذهب، والطعامُ مرجأ: أي فإذا اشترى طعاما بمائة دينار مثلا، ودفعها للبائع، ولم يقبض منه الطعام، ثم باع الطعام لأخر بمائة وعشرين دينارا، وقبضها والطعام فِي يد البائع، فكأنه باعه مائة دينار بمائة وعشرين دينارا، وعلى هَذَا التفسير لا يختص النهي بالطعام، ولذلك قَالَ ابن عباس: "لا أحسب كل شيء إلا مثله"، ويؤيده حديث زيد بن ثابت -رضي الله عنه-: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن تباع السِّلَعُ حيث تبتاع، حَتَّى يحوزها التجار إلى رحالهم"، أخرجه أبو داود، وصححه ابن حبّان.
قَالَ القرطبيّ رحمه الله تعالى: هذه الأحاديث حجة عَلَى عثمان البتّيّ، حيث أجاز