الْحُديبية، وعُمّر بعد النبيّ -صلى الله عليه وسلم- دهرًا، ومات -رضي الله عنه- سنة (٨٧)، وهو آخر منْ مات بالكوفة منْ الصحابة -رضي الله عنهم-. والله تعالى أعلم.
لطائف هَذَا الإسناد:
(منها): أنه منْ خماسيات المصنّف رحمه الله تعالى. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح. (ومنها): أنه ما بين سرخسيّ، وهو شيخه، وبصريين، وهما يحيى وشعبة، وكوفيّين، وهما عبد الله بن أبي المجالد والصحابيّ. (ومنها): أن صحابيه آخر منْ مات بالكوفة منْ الصحابة رضي الله تعالى عنهم. والله تعالى أعلم.
شرح الْحَدِيث
(عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي الْمُجَالِدِ) تقدّم اختلاف الرواة فِي اسمه آنفًا، فلا تغفل، أنه (قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ أَبِي أَوْفَى) رضي الله تعالى عنه (عَنِ السَّلَفِ؟) أي عن حكم السلم، هل يجوز إلى منْ ليس عنده المسلم فيه فِي تلك الحالة، أم لا؟، وسبب سؤاله عن ذلك هو ما يأتي فِي الباب التالي، قَالَ: تمارى أبو بردة، وعبد الله بن شدّاد فِي السلم، فأرسلوني إلى ابن أبي أوفى، فسألته" الْحَدِيث (قَالَ) ابن أبي أوفى -رضي الله عنه- (كُنَّا نُسْلِفُ) بضم أوله، منْ الإسلاف، ويحتمل أن يكون منْ التسليف، يقال: أسلف, وسلّف بتشديد اللام: بمعنى أسلم (عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَأَبِي بَكْرٍ) الصدّيق -رضي الله عنه- (وَعُمَرَ) بن الخطّاب -رضي الله عنه- (فِي الْبُرِّ، وَالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرِ، إِلَى قَوْمٍ لَا أَدْرِي، أَعِنْدَهُمْ، أَمْ لَا؟) أي لا أعلم هل المسلم فيه موجود وقت العقد، أم لا؟ (وَابْنُ أَبْزَى) بفتح الهمزة، وسكون الموحّدة، بعدها زايٌ، مقصورًا- هو عبد الرحمن بن أبزى الْخُزاعيّ مولاهم، صحابيّ صغيرٌ، وكان -رضي الله عنه- فِي عهد عمر -رضي الله عنه- رجلاً، وكان عَلَى خراسان لعليّ -رضي الله عنه-، فقوله: "وابن أبزى" مبتدأ، خبره جملة قوله (قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ) وفي الراوية التالية: "فسألت ابن أبزى؟ فَقَالَ مثل ذلك".
وفي رواية البخاريّ منْ طريق أبي إسحاق الشيباني، عن محمد بن أبي المجالد، قَالَ: بعثني عبد الله بن شداد، وأبو بردة إلى عبد الله بن أبي أوفى، رضي الله عنهما، فقالا: سله هل كَانَ أصحاب النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فِي عهد النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، يُسلفون فِي الحنطة؟، قَالَ عبد الله: كنا نُسلف نَبِيط أهل الشام، فِي الحنطة، والشعير، والزيت، فِي كيل معلوم إلى أجل معلوم، قلت: إلى منْ كَانَ أصله عنده؟ قَالَ: ما كنا نسألهم عن ذلك، ثم بعثاني إلى عبد الرحمن بن أبزى، فسألته، فَقَالَ: كَانَ أصحاب النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، يُسلفون عَلَى عهد النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ولم نسألهم ألهم حرث أم لا؟. انتهى.