قوله: "نَبِيط أهل الشام": وفي رواية سفيان: "أنباط منْ أنباط الشام": وهم قوم منْ العرب، دخلوا فِي العجم والروم، واختلطت أنسابهم، وفسدت ألسنتهم، وكان الذين اختلطوا بالعجم منهم، ينزلون البطائح بين العراقين، والذين اختلطوا بالروم، ينزلون فِي بوادي الشام، ويقال لهم: "النَّبَط" -بفتحتين-، و"النَّبِيط" بفتح أوله، وكسر ثانيه، وزيادة تحتانية، و"الأنباط"، قيل: سُمُّوا بذلك لمعرفتهم بإنباط الماء: أي استخراجه؛ لكثرة معالجتهم الفِلاحة.
وقوله: "إلى منْ كَانَ أصله عنده": المراد ما أسلم فيه. وقيل: المراد بالأصل أصل الشيء الذي يسلم فيه، فأصل الحب مثلا الزرع، وأصل الثمر مثلا الشجر.
وقوله: "ما كنا نسألهم عن ذلك": كأنه استفاد الحكم منْ عدم الاستفصال، وتقرير النبيّ صلّى الله عليه وسلم عَلَى ذلك. قاله فِي "الفتح" ٥/ ١٨٥. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث عبد الله بن أبي أوفى -رضي الله عنه- هَذَا أخرجه البخاريّ
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -٦١/ ٤٦١٦ و٦٢/ ٤٦١٧ - وفي "الكبرى" ٦٢/ ٦٢٠٧ و٦٣/ ٦٢٠٨.
وأخرجه (خ) فِي "السلم" ٢٢٤٣ (د) فِي "البيوع" ٣٤٦٤ (ق) فِي "التجارات" ٢٢٨٢ (أحمد) فِي "مسند الكوفيين" ١٨٦٤٣. والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): فِي فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان جواز السلم فِي الطعام. (ومنها): أنه استُدِلّ به عَلَى صحة السلم، إذا لم يذكر مكان القبض، وهو قول أحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وبه قَالَ مالك، وزاد: ويقبضه فِي مكان السلم، فإن اختلفا فالقول قول البائع. وَقَالَ الثوري، وأبو حنيفة، والشافعي: لا يجوز السلم فيما له حَمْل ومُؤنة، إلا أن يشترط فِي تسليمه مكانا معلوما.
(ومنها): أنه استُدِلَ به أيضًا عَلَى جواز السلم، فيما ليس موجودا فِي وقت السلم، إذا أمكن وجوده فِي وقت حلول السلم، وهو قول الجمهور، ولا يضر انقطاعه قبل المحل، وبعده عندهم. وَقَالَ أبو حنيفة: لا يصح فيما ينقطع قبله، ولو أسلم فيما يَعُمّ، فانقطع فِي محله، لم ينفسخ البيع عند الجمهور، وفي وجه للشافعية ينفسخ.
(ومنها): أنه استُدل به أيضًا عَلَى جواز التفرق فِي السلم قبل القبض؛ لكونه لم يُذكر