للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الْحَدِيث

(عَنْ أَبِي رَافِعٍ) رضي الله تعالى عنه (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، اسْتَسْلَفَ) أي طلب السَّلَف، وهو القرَض (مِنْ رَجُلٍ بَكْرًا) بفتح الباء الموحّدة: الفتِيّ منْ الإبل، وهو فيها كالغلام فِي الرجال، والْقَلُوص فيها كالجارية فِي النِّساء، قاله فِي "المفهم" ٤/ ٥٠٦ وَقَالَ الفيّوميّ: البَكْرُ بالفتح: الْفَتِيّ منْ الإبل، وبه كُني، ومنه أبو بَكر الصدّيق -رضي الله عنه-، والجمع أبكار، والبكرة: الأنثى، والجمع بِكار، مثل كلبة وكِلاب، وَقَدْ يقال: بِكارةٌ مثل حجارة. انتهى.

(فَأَتَاهُ يَتَقَاضَاهُ) أي يستوفي منه (بَكْرَهُ، فَقَالَ لِرَجُلٍ) هو أبو رافع نفسه، ففي رواية مسلم: "فقدمت عليه إبلٌ منْ إبل الصدقة، فأمر أبا رافع أن يقضي الرجل بكره"، وفي رواية لابن خُزيمة: "استسلف منْ رجل بكرًا، فَقَالَ: إذا جاءت إبل الصدقة قضيناك، فلما جاءت إبل الصدقة، أمر أبا رافع أن يقضي الرجل بكره، فرجع إليه أبو رافع، فَقَالَ: لم أجد فيها إلا خيارًا رَباعيًا، فَقَالَ: أعطه إياه" (انْطَلِقْ، فَابْتَعْ) أي اشتر (له بَكْرًا) هَذَا يخالف الرواية المذكورة عند مسلم، وابن خزيمة، ويُجمع بينهما بأنه -صلى الله عليه وسلم- أمره أوّلاً أن يشتري له بكره، ثم أتاه إبل الصدقة قبل أن يُشتري له، فأعطاه منها، أو أنه أمر بالشراء منْ إبل الصدقة ممن استحقّ منها شيئًا، ويؤيّده رواية ابن خزيمة المذكورة: "إذا جاءت الصدقة قضيناك". قاله فِي "الفتح" ٥/ ٣٣٦ (فَأَتَاهُ) أي أتى الرجل المأمور النبيّ -صلى الله عليه وسلم- (فَقَالَ: "مَا أَصَبْتُ إِلَّا بَكْرًا، رَبَاعِيًا) بفتح الراء: هو الذي دخل فِي السنة السابعة؛ لأنه يُلقي فيها رَباعيته، وهي التي تلي الثنايا، وهي أربع رباعيات -مخفّف الياء- والذكر رَبَاعٌ، والأنثى رباعية (خِيَارًا) خيار الشيء: أحسنه، وأفضله، قاله فِي "المفهم"، وَقَالَ فِي "الفتح": والخيار الجيّد، يُطلق عَلَى الواحد والجمع. انتهى (فَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (أَعْطِهِ) أي أعط الرجل الرباعي، فالهاء عائد عَلَى الرجل، وهو المفعول الأول، والثاني محذوف؛ اختصارًا، كما فِي قوله تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ} الآية [الضحى: ٥]، ويحتمل أن يكون الهاء للرباعي، والمحذوف هو المفعول الأول، كما فِي قوله تعالى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ} الآية [التوبة: ٢٩].

(فَإِنَّ خَيْرَ الْمُسْلِمِينَ) أي فِي المعاملة، أو "منْ" مقدّرة، كما تدلّ عليه الرواية, فقد ثبت فِي حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- فِي رواية عند البخاريّ، بلفظ: "فإن منْ خيركم وفي رواية له: "فإن منْ خيار النَّاس أحسنهم قضاء". وَقَالَ العينيّ: قوله: "فإن خيركم": أي أخيركم، فالخير والشرّ يُستعملان للتفضيل عَلَى لفظهما، بمعنى الأخير والأشرّ. انتهى "عمدة القاري" ١٠/ ٢٤٠ (أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً) أي أداءً لما عليه منْ الدين.