(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان جواز استسلاف الحيوان، واستقراضه، وهو قول أكثر أهل العلم، ومنع منْ ذلك الثوري، والحنفية، وسيأتي البحث فِي ذلك فِي المسألة الخامسة، إن شاء الله تعالى. (ومنها): أن فيه جوازَ وفاء ما هو أفضل منْ المثل المقترض، إذا لم تقع شرطية ذلك فِي العقد، فيحرم حينئذ اتفاقا، وبه قَالَ الجمهور، وعن المالكية تفصيل فِي الزيادة، إن كانت بالعدد مُنعت، وإن كانت بالوصف جازت. (ومنها): جواز المطالبة بالدين، إذا حَلّ أجله. (ومنها): أن فيه جوازَ الاقتراض فِي البر، والطاعة، وكذا فِي الأمور المباحة، وأنه لا يعاب ذلك. (ومنها): أن للأمام أن يقترض عَلَى بيت المال؛ لحاجة بعض المحتاجين؛ ليوفي ذلك منْ مال الصدقات. (ومنها): أنه استدل به الشافعيّ رحمه الله تعالى عَلَى جواز تعجيل الزكاة، هكذا حكاه ابن عبد البرّ. قَالَ الحافظ: ولم يظهر لي توجهه، إلا أن يكون المراد ما قيل فِي سبب اقتراضه -صلى الله عليه وسلم-، وأنه كَانَ اقترضه لبعض المحتاجين منْ أهل الصدقة، فلما جاءت الصدقة، أوفى صاحبه منها, ولا يعكر عليه، أنه أوفاه أزيد منْ حقه منْ مال الصدقة؛ لاحتمال أن يكون المقترض منه، كَانَ أيضا منْ أهل الصدقة، إما منْ جهة الفقر، أو التألّف، أو غير ذلك، بجهتين: جهة الوفاء فِي الأصل، وجهة الاستحقاق فِي الزائد.
وقيل: كَانَ اقتراضه فِي ذمته، فلما حل الأجل، ولم يجد الوفاء صار غارما، فجاز له الوفاء منْ الصدقة. وقيل: كَانَ اقتراضه لنفسه، فلما حل الأجل، اشترى منْ إبل الصدقة بعيرا، ممن استحقه، أو اقترضه منْ آخر، أو منْ مال الصدقة؛ ليوفيه بعد ذلك، قَالَ الحافظ: والاحتمال الأول أقوى، ويؤيده سياق حديث أبي رافع. ذكره فِي "الفتح"