(منها): أنه منْ خماسيات المصنّف رحمه الله تعالى. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح، غير سعيد بن هانىء، فمن رجال المصنّف، وابن ماجه، والصحابي، فمن رجال الأربعة. (ومنها): أنه مسلسل بالحمصيين. (ومنها): أن صحابيّه منْ المقلّين منْ الرواية, فليس له إلا أحد عشر حديثًا عند أصحاب السنن. والله تعالى أعلم.
شرح الْحَدِيث
عن سَعِيدِ بْنِ هَانِىءٍ رحمه الله تعالى، أنه قَالَ:(سَمِعْتُ عِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ) رضي الله تعالى عنه (يَقُولُ: بِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بَكْرًا) بفتح، فسكون: الفَتِيّ منْ الإبل، كالغلام منْ الإنسان (فَأَتَيْتُهُ أَتَقَاضَاهُ) أي أطلب منه أن يعطيني حقّي (فَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (أَجَلْ) بفتحتين، كنَعَم وزنًا ومعنًى، قَالَ فِي "اللسان": وأجل بفتحتين، بمعنى نَعَمْ، قَالَ الأخفش: إلا أنه أحسن منْ نعم فِي التصديق، ونعم أحسن منه فِي الاستفهام، فإذا قَالَ: أنت سوف تذهب، قلت: أجل، وكان أحسن منْ نعم، وإذا قَالَ: أتذهب؟ قلت: نعم، وكان أحسن منْ أجل. انتهى (لَا أَقْضِيكَهَا إِلَّا نَجِيبَةً) بفتح النون: أي ناقةً نَجيبةً، أي كريمة، وفي "النسخة الهنديّة": إلا بُختيّة"، والبُختيّ بضم، فسكون: واحد البُخت، كرومي ورُوم، وهي -كما فِي "القاموس"-: الإبل الخراسانيّة، فإن صحّت النسخة، يحمل عَلَى أن هَذَا النوع منْ أحسن أنواع الإبل.
ثم ظاهر هَذَا الْحَدِيث أنه إنما باعه البكر بالناقة، فيكون منْ بيع الحيوان بالحيوان نسيئة، وسيأتي النهي عنه فِي الباب التالي، ويمكن أن يجاب بأن النهي إذا كَانَ نسيئة منْ الطرفين، كما قاله بعضهم، أو أنه كَانَ اشتراه بثمن، ولكنه أراد يدفع له ناقة نجيبة، لكونها أفضل منْ الثمن الذي اشتراه به. والله تعالى أعلم.
(فَقَضَانِي، فَأَحْسَنَ قَضَائِي) أي لكون النجيبة أكثر قيمة منْ الثمن الذي وقع به العقد (وَجَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ، يَتَقَاضَاهُ سِنَّهُ) أي بعيره المعروف بسنّه (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "أَعْطُوهُ سِنًّا) أي أفضل منْ سنّه الذي يطالب به، بدليل قوله (فَأَعْطَوْهُ يَوْمَئِذٍ جَمَلاً) أي وهو أكبر منْ سنّه، قَالَ الفيّوميّ: الجمل منْ الإبل: بمنزلة الرجل، يختصّ بالذكر، قالوا: ولا يُسمّى بذلك إلا إذا بَزَلَ، وجمعه جِمالٌ، وأَجمالٌ، وأجُملٌ، وجمالةُ بالهاء، وجمع الجمال جمالات. انتهى. ومعنى بزل منْ باب قعد: فَطَرَ نابه بدخوله فِي السنة التاسعة.
(فَقَالَ) أي الأعرابيّ (هَذَا) أي الذي أعطيه (خَيْرٌ مِنْ سِنِّي) أي منْ البعير الذي أطالب به (فَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ قَضَاءً) أي خيركم منزلة عند الله تعالى منْ كَانَ خيرًا عند