فِي الوعد، وَقَدْ عصم الله تعالى نبينا -صلى الله عليه وسلم- منْ ذلك كله، فلم يُحوجه إلى شيء منْ ذلك، ولا أجراه عليه.
وأما قولهم: إنه لم يكن فِي ضرورة؛ لأن الله تعالى خيّره. فجوابه أن الله تعالى لَمّا خيّره، فاختار أن يجوع ثلاثًا، ويَشبع يومًا، أجرى الله تعالى عليه ما اختاره لنفسه، وما أشاره إليه به صفيّه، ونصيحه جبريل -عليه السلام-، فسلك الله تعالى به منْ ذلك أعلى السبيل؛ ليصبر عَلَى المشقّات والشدائد، كما صبر أولو العزم منْ الرسل، ولينال أعلى المقامات الفاخرة، ألا تسمع قوله لعمر -رضي الله عنه-: "أما ترضى أن تكون لهم الدنيا, ولنا الآخرة؟ ". ثمّ لَمّا أخلص الله تعالى جوهره، وطيّبَ خُبْرَه، وخَبَرَه، أغناه بعد الْعَيْلة، وكثّره بعد الْقِلّة، وأعزّه بعد الذّلّة. ومن تمام الحكمة فِي أخذه -صلى الله عليه وسلم- بالديون لِيَقْتَدِيَ به فِي ذلك المحتاجون. انتهى كلام القرطبيّ رحمه الله تعالى. "المفهم" ٤/ ٥٠٨ - ٥٠٩. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
١ - (إسحاق بن إبراهيم) ابن راهويه الحنظليّ المروزيّ، ثقة ثبت [١٠] ٢/ ٢.
٢ - (عبد الرحمن بن مهديّ) بن حسان البصريّ، ثقة ثبت [٩] ٤٢/ ٤٩.
٣ - (معاوية بن صالح) الحضرميّ الحمصيّ، قاضي الأندلس، صدوقٌ له أوهام [٧] ٥٠/ ٦٢.
٤ - (سعيد بن هانىء) الْخَولانيّ، أبو عثمان المصريّ، ويقال: الشاميّ، ثقة [٣].
قَالَ العجليّ: شاميّ تابعيّ ثقة. وَقَالَ ابن سعد: كَانَ ثقة، إن شاء الله، مات سنة (١٢٧). وذكره ابن حبّان فِي "الثقات". تفرّد به المصنّف، وابن ماجه بهذا الْحَدِيث فقط.
٥ - (عرباض بن سارية) -بكسر العين المهملة، وسكون الراء، بعدها موحّدة، آخره ضاد معجمة- السلميّ، أبو نَجيح الصحابيّ، كَانَ منْ أهل الصّفّة، ونزل حمص، ومات -رضي الله عنه- بعد السبعين. والله تعالى أعلم.