للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

سِكَّة مأبورة" (١)، والسكة النخل المصفوف، وأَبَرت النخلة آبُرها أَبْرًا، وِإبارًا، وأَبَّرتها تأبيرًا، وتأبرت النخلة، وائتبرت، ومنه قول الشاعر [منْ الرجز]:

تَأَبَّرِي يَا خَيْرَةَ الْفَسِيلِ … إِذْ ضَنَّ أَهْلُ النَّخْلِ بِالْفُحُولِ

يقول: تلقّحي منْ غير تأبير.

وفسر الخرقي المؤبر بما قد تشقق طلعه؛ لتعلق الحكم بذلك، دون نفس التأبير، قَالَ القاضي: وَقَدْ يشقه الصَّعَّاد، فيظهر، وأيهما كَانَ، فهو التأبير المراد هاهنا. انتهى "المغني" ٦/ ١٣٠ بزيادة منْ "اللسان".

(ثُمَّ بَاعَ أَصْلَهَا) أي النخل، دون ذكر الثمر (فَلِلَّذِي أَبَّرَ) وهو البائع (ثَمَرُ النَّخْلِ) قد استدل بمنطوقه، عَلَى أن منْ باع نخلا، وعليها ثمرة مؤبرة، لم تدخل الثمرة فِي البيع، بل تستمر عَلَى ملك البائع، وبمفهومه عَلَى أنها، إذا كانت غير مؤبرة، تدخل فِي البيع، وتكون للمشتري، وبذلك قَالَ جمهور العلماء، وخالفهم الأوزاعي، وأبو حنيفة، فقالا: تكون للبائع قبل التأبير وبعده، وعكس ابن أبي ليلى، فَقَالَ: تكون للمشتري مطلقا، وهذا كله عند إطلاق بيع النخل، منْ غير تعرض للثمرة، فإن شرطها المشتري، بأن قَالَ: اشتريت النخل بثمرتها، كانت للمشتري، وإن شرطها البائع لنفسه قبل التأبير، كانت له، وخالف مالك، فَقَالَ: لا يجوز شرطها للبائع.

فالحاصل أنه يستفاد منْ منطوقه حكمان، ومن مفهومه حكمان: أحدهما: بمفهوم الشرط، والآخر بمفهوم الاستثناء.

قَالَ القرطبيّ: القول بدليل الخطاب، يعني بالمفهوم فِي هَذَا ظاهر؛ لأنه لو كَانَ حكم غير المؤبرة حكم المؤبرة، لكان تقييده بالشرط لغوا، لا فائدة فيه.

[تنبيه]: لا يشترط فِي التأبير أن يؤبره أحد، بل لو تأبر بنفسه لم يختلف الحكم، عند جميع القائلين به. قاله فِي "الفتح" ٥/ ١٥٠.

(إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ) المراد بالمبتاع المشتري، بقرينه الإشارة إلى البائع، بقوله: "منْ باع"، وَقَدْ استُدِلّ بهذا الإطلاق، عَلَى أنه يصح اشتراط بعض الثمرة، كما يصح اشتراط جميعها، وكأنه قَالَ: إلا أن يشترط المبتاع شيئا منْ ذلك، وهذه هي النكتة فِي حذف المفعول، وانفرد ابن القاسم، فَقَالَ: لا يجوز له شرط بعضها. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) أخرجه أحمد فِي "مسنده" ٣/ ٤٦٨ والطبرانيّ فِي "المعجم الكبير" ٧/ ١٠٧. وهو حديث ضعيف، انظر "ضعيف الجامع الصغير" للشيخ الألبانيّ رحمه الله تعالى ص ٤٢٩ رقم ٢٩٢٦.