أحفظ منه. وَقَالَ النوويّ فِي "شرح مسلم": أشار النسائيّ، والدارقطنيّ إلى ترجيح رواية نافع، وهذه إشارة مردودة.
[القول الثاني]: ترجيح رواية سالم، قَالَ الترمذيّ فِي "جامعه": قَالَ محمد بن إسماعيل: وحديث الزهريّ، عن سالم، عن أبيه، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أصحّ. قَالَ الحافظ العراقيّ رحمه الله فِي "شرح الترمذيّ": وسبقه إليه شيخه عليّ بن المدينيّ. وَقَالَ ابن عبد البرّ فِي "التمهيد": إنه الصواب، فإنه كذلك رواه عبد الله بن دينار، عن ابن عمر برفع القصّتين معًا، وهذا مرجّح لرواية سالم.
[القول الثالث]: تصحيحهما معًا، قَالَ الترمذيّ فِي "العلل": سألت محمدًا عن هَذَا الْحَدِيث، وقلت له: حديث الزهريّ، عن سالم، عن أبيه، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "منْ باع عبدًا"، وَقَالَ نافع، عن ابن عمر، عن عمر، أيّهما أصحّ؟ قَالَ: إن نافعًا خالف سالمًا فِي أحاديث، وهذا منْ تلك الأحاديث، روى سالم، عن أبيه، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وَقَالَ نافع، عن ابن عمر، عن عمر، كأنه رأى الحديثين صحيحين، وأنه يحتمل عنهما جميعًا.
قَالَ العراقيّ فِي "شرح الترمذيّ": وليس بين ما نقله عنه فِي "الجامع"، وما نقله عنه فِي "العلل" اختلافٌ، فحكمه عَلَى الحديثين بالصحّة، لا ينافي حكمه فِي "الجامع" بأن حديث سالم أصحّ، بل صيغة "أفعل" تقتضي اشتراكهما فِي الصحّة.
قَالَ وليّ الدين: المفهوم منْ كلام المحدّثين فِي مثل هَذَا، والمعروف منْ اصطلاحهم فيه أن المراد ترجيح الرواية التي قالوا: إنها أصحّ، والحكم للراجح، فتكون تلك الرواية شاذّة ضعيفة، والمرجّحة هي الصحيحة, وحينئذ فبين النقلين تناف، لكن المعتمد ما فِي "الجامع"؛ لأنه مقول بالجزم واليقين، بخلاف ما فِي "العلل"، فإنه عَلَى سبيل الظنّ والاحتمال، والله أعلم، عَلَى أن ما فِي "العلل" هو الذي يمشي عَلَى طريقة الفقهاء؛ لعدم المنافاة، بأن يكون ابن عمر سمعه منْ النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ومن أبيه، فرفعه تارةً، وسمعه كذلك سالمٌ، ووقفه تارة، وسمعه كذلك نافع.
وَقَالَ النوويّ فِي "شرح مسلم": لم تقع هذه الزيادة، يعني قصّة العبد- فِي حديث نافع، عن ابن عمر، ولا يضرّ ذلك، فسالم ثقة، بل هو أجلّ منْ نافع، فزيادته مقبولة. انتهى.
قَالَ وليّ الدين: وما ذكرته عن سالم، ونافع هو المشهور عنهما، ورُوي عن نافع رفع القصّتين، رواه النسائيّ -أي فِي "العتق، والشروط منْ الكبرى"- منْ رواية شعبة، عن عبد ربّه بن سعيد، عن نافع، عن ابن عمر، فذكر القصّتين، مرفوعتين، قَالَ شعبة: