"الدلائل" بما قَالَ ابن إسحاق. انتهى "فتح" ٥/ ٦٦٤ - ٦٦٥.
(فَأَعْيَا جَمَلِي) أي تعب، وعجز عن السير، قَالَ الفيّوميّ: عَيِيَ بالأمر، وعن حُجّته يَعْيَا، منْ باب تَعِب عِيّا: عجز عنه، وَقَدْ يُدغم الماضي، فيقال: عَيَّ، فالرجل عَيٌّ، وعَيِيٌّ، عَلَى فَعْلٍ، وفَعِيلٍ، وعَيِيَ لم يَهتد لوجهه، وأعياني كذا بالألف: أتعبني، فأعييت، يُستعمل لازمًا، ومتعدِّيًا، وأعيا فِي مشيه، فهو مُعْيٍ، منقوص. انتهى.
(فَأَرَدْتُ أَنْ أُسَيِّبَهُ) بضم الهمزة، وتشديد الياء، منْ التسييب: أي أطلقه، وأتركه فِي مكان، وليس المراد أن يجعله سائبة، لا يركبه أحد، كما كانوا يفعلون فِي الجاهلية؛ لأنه لا يجوز فِي الإِسلام، ففي أول رواية مغيرة، عن الشعبي عند البخاريّ فِي "الجهاد": "غزوت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فتلاحق بي، وتحتي ناضح لي، قد أعيا، فلا يكاد يسير": والناضح -بنون، ومعجمة، ثم مهملة-: هو الجمل الذي يُستقي عليه سُمّي بذلك لنضحه بالماء، حال سقيه. ووقع عند البزار، منْ طريق أبي المتوكل، عن جابر -رضي الله عنه-: أن الجمل كَانَ أحمر. قاله فِي "الفتح" ٥/ ٦٥٨.
(فَلَحِقَنِي رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَدَعَا لَهُ، فَضَرَبَهُ) وفي رواية مغيرة، عن الشعبيّ التالية لهذه الرواية:"فأُزحِف الجملُ، فزجره النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فانتشط، حَتَّى كَانَ أمام الجيش"، فَقَالَ النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: يا جابر، ما أرى جملك إلا قد انتشط، قلت: ببركتك يا رسول الله"، وفي رواية البخاريّ: "فمر النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فضربه، فدعا له"، قَالَ فِي "الفتح": كذا فيه بالفاء فيهما، كأنه عقب الدعاء له بضربه، ولمسلم، وأحمد منْ هَذَا الوجه: "فضربه برجله، ودعا له"، وفي رواية يونس بن بكير، عن زكريا عند الإسماعيلي: "فضربه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ودعا له، فمشا مِشْيَةً، ما مشى قبل ذلك مثلها"، وفي رواية مغيرة: "فزجره، ودعا له"، وفي رواية عطاء وغيره، عن جابر، عند البخاريّ فِي "الوكالة": "فمرّ بي النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ: منْ هَذَا؟ قلت: جابر بن عبد الله، قَالَ: مالك؟ قلت: إني عَلَى جمل ثِفَال، قَالَ: أمعك قضيب؟ قلت: نعم، قَالَ:"أعطنيه، فأعطيته، فضربه، فزجره، فكان منْ ذلك المكان منْ أول القوم"، وفي رواية وهب بن كيسان، عن جابر، عند البخاريّ فِي "البيوع": "فتخلف، فنزل، فحجنه بِمِحْجَنِهِ، ثم قَالَ: اركب، فركبت، فقد رأيته أكفه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-". وعند أحمد منْ هَذَا الوجه:"فقلت: يا رسول الله، أبطأ بي جملي هَذَا، قَالَ: أَنِخْهُ، وأناخ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم قَالَ: أعطني هذه العصا، أو اقطع لي عصا منْ شجرة، ففعلت، فأخذها، فنخسه بها نخسات، فَقَالَ: اركب، فركبت"، وللطبراني منْ رواية زيد بن أسلم، عن جابر، فأبطأ عليّ، حَتَّى ذهب النَّاس، فجعلت أرقبه، ويهمني شأنه، فإذا النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ: أجابر، قلت: