يعلموا بشرائه منه (وَطَفِقَ) بكسر الفاء، وفتحها، منْ بابي فرِحَ، وضرب، يقال: طفق يفعل كذا طَفْقًا، وطُفُوقًا: إذا واصل الفعل، خاصّ بالإثبات، فلا يقال: ما طفق، وطفق بمراده: ظفِر به، وأطفقه الله به، وطفق الموضعَ، كفرح: لزمه. قاله فِي "القاموس"، والمعنى هنا: أخذ، وشرع (الرِّجَالُ) ولأبي داود: "رجال" بالتنكير (يَتَعَرَّضُونَ لِلْأَعْرَابِيِّ) أي يتصدّون له، يقال: تعرّض للمعروف، وتعرّضه، يتعدّى بنفسه، وبالحرف: إذا تصدّى له، وطلبه. قاله فِي "المصباح"(فَيَسُومُونَهُ بالْفَرَسِ) أي يطلبون أن يبيعه لهم، قَالَ الفيّوميّ: وسام البائع السلعةَ سَوْمًا، منْ باب قَالَ: عرَضَها للبيع، وسامها المشتري، واستامها: طلب بيعها، قَالَ: وَقَدْ تزاد الباء فِي المفعول، فيقال: سُمْتُ به. انتهى. ولفظ أبي داود:"فيساومونه بالفرس"(وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ) أي لا يعلمون (أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- ابْتَاعَهُ) أي اشترى ذلك الفرس، منْ الأعرابيّ، ولذا ساوموه (حَتَّى زَادَ بَعْضُهُمْ فِي السَّوْمِ عَلَى مَا ابْتَاعَهُ بِهِ مِنْهُ) أي عَلَى الثمن الذي اشترى به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الفرس منْ الأعرابيّ (فَنَادَى الأَعْرَابِيُّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-) يعني أنه لما وجد منْ زاده فِي الثمن ناداه -صلى الله عليه وسلم-، كأنه سامه قبل هَذَا, ولم يشتره منه (فَقَالَ) الأعرابيّ (إِنْ كُنْتَ مُبْتَاعًا) أي مريدًا أن تشتري (هَذَا الْفَرَسَ) وجواب "إن" محذوف، دلّ عليه السياق: أي فعجّل بالشراء (وَإِلَّا بِعْتُهُ) أي منْ غيرك (فَقَامَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-، حِينَ سَمِعَ نِدَاءَهُ، فَقَالَ:"أَلَيْسَ قَدِ ابْتَعْتُهُ مِنْكَ؟ ") ولفظ أبي داود: "أو ليس قد ابتعته منك"(قَالَ) الأعرابيّ (لَا، وَاللَّهِ مَا بِعْتُكَهُ) أي لم أبعه منك قبل هَذَا (فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "قَدِ ابْتَعْتُهُ مِنْكَ") ولأبي داود: "بلى قد ابتعته منك"(فَطَفِقَ النَّاسُ يَلُوذُونَ) أي يتعلّقون (بالنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وَبِالْأَعْرَابِيِّ) ليسمعوا مكالمتهما (وَهُمَا يَتَرَاجَعَانِ، وَطَفِقَ الْأَعْرَابِيُّ يَقُولُ: هَلُمَّ) أي هات، وأحضر (شَاهِدًا، يَشْهَدُ أَنِّي قَدْ بِعْتُكَهُ) وزاد ابن سعد: "فمن جاء منْ المسلمين قَالَ للأعرابيّ: ويلك إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يكن ليقول إلا حقًّا"(قَالَ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِت) بن الفاكه بن ثعلبة بن ساعدة الأنصاريّ الْخَطْميّ، أبو عمارة المذنيّ، ذو الشهادتين، قَالَ ابن سعد: كَانَ هو وعُمير بن عدىّ بن خَرَشَة يكسران أصنام بني خَطْمة. وَقَالَ أبو معشر المدنيّ، عن محمد بن عُمارة بن خُزيمة بن ثابت: ما زال جدّي كافًّا سلاحه يوم صِفّين حَتَّى قُتل عمّار -رضي الله عنه-، فسلّ سيفه، وقاتل حَتَّى قُتل، وذلك سنة (٣٧). وذكر ابن عبد البرّ، والترمذيّ قبله، واللالكائيّ أنه شهد بدرًا، وأما أصحاب المغازي، فلم يذكروه فِي البدريين، وَقَالَ العسكريّ: وأهل المغازي لا يُثبتون أنه شهد أحدًا، وشهد المشاهد بعدها (أَنَا أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بِعْتَهُ) أي بعت الفرس للنبيّ -صلى الله عليه وسلم- (قَالَ: فَأَقْبَلَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى خُزَيْمَةَ، فَقَالَ:"لِمَ تَشْهَدُ؟) ولأبي داود: "بم تشهد؟ "، وزاد ابن سعد: "ولم تكن معنا"