للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الذي رواه عنه أبو داود كما سلف وصححه منْ هَذَا الوجه الحاكم، وحسنه البيهقي.

ورواه عبد الله بن أحمد، فِي "زيادات المسند" منْ طريق القاسم بن عبد الرحمن، عن جده بلفظ: "إذا اختلف المتبايعان، والسلعة قائمة، ولا بينة لأحدهما تحالفا"، ورواه منْ هَذَا الوجه الطبراني، والدارمي، وَقَدْ انفرد بقوله: "والسلعة قائمة" محمد بن أبي ليلى، وهو ضعيفٌ سيّء الحفظ.

قَالَ الخطّابيّ: إن هذه اللفظة -يعني والسلعة قائمة- لا تصح منْ طريق النقل، مع احتمال أن يكون ذكرها منْ التغليب؛ لأن أكثر ما يَعرِض النزاع حال قيام السلعة، كقوله تعالى: {فِي حُجُورِكُمْ} الآية [سورة النِّساء: ٢٣]، ولم يفرق أكثر الفقهاء فِي البيوع الفاسدة بين القائم والتالف انتهى.

وأما قوله فيه: "تحالفا"، فَقَالَ الحافظ: لم يقع عند أحد منهم، وإنما عندهم: "والقول قول البائع، أو يترادان البيع". انتهى.

قَالَ ابن عبد البرّ: إن هَذَا الْحَدِيث منقطع، إلا أنه مشهور الأصل عند جماعة، تلقوه بالقبول، وبنوا عليه كثيرا منْ فروعه، وأعله ابن حزم بالانقطاع، وتابعه عبد الحق، وأعله هو وابن القطّان بالجهالة، فِي عبد الرحمن، وأبيه، وجده.

وَقَالَ الخطّابيّ: هَذَا حديث قد اصطلح الفقهاء عَلَى قبوله، وذلك يدل عَلَى أن له أصلا، وإن كَانَ فِي إسناده مقال، كما اصطلحوا عَلَى قبول: "لا وصية لوارث"، وإسناده فيه ما فيه. انتهى.

قَالَ الشوكانيّ رحمه الله تعالى: وَقَدْ استدل بالحديث منْ قَالَ: إن القول قول البائع، إذا وقع الاختلاف بينه وبين المشتري، فِي أمر منْ الأمور المتعلقة بالعقد، ولكن مع يمينه، كما وقع فِي الرواية الآخرة، وهذا إذا لم يقع التراضي بينهما عَلَى التراد، فإن تراضيا عَلَى ذلك جاز بلا خلاف، فلا يكون لهما خلاص عن النزاع، إلا التفاسخ، أو حلف البائع، والظاهر عدم الفرق بين بقاء المبيع وتلفه؛ لما عرفت منْ عدم انتهاض الرواية المصرح فيها باشتراط بقاء المبيع للاحتجاج، والترادُّ مع التلف ممكن، بأن يرجع كل واحد منهما بمثل المثليّ، وقيمة القيميّ.

إذا تقرر لك ما يدل عليه هَذَا الْحَدِيث، منْ كون القول قول البائع منْ غير فرق، فاعلم أنه لم يذهب إلى العمل به، فِي جميع صور الاختلاف أحد، فيما أعلم، بل اختلفوا فِي ذلك اختلافا طويلا، عَلَى حسب ما هو مبسوط فِي الفروع، ووقع الاتفاق فِي بعض الصور، والاختلاف فِي بعض، وسبب الاختلاف فِي ذلك، ما سيأتي منْ قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "البينة عَلَى المدعِي، واليمين عَلَى المدعَى عليه"؛ لأنه يدل