بعمومه عَلَى أن اليمين عَلَى المدعَى عليه، والبينة عَلَى المدعِي، منْ غير فرق بين أن يكون أحدهما بائعا، والآخر مشتريا، أو لا، وحديث الباب يدل عَلَى أن القول قول البائع مع يمينه، والبينة عَلَى المشتري، منْ غير فرق بين أن يكون البائع مدعيا، أو مُدّعًى عليه، فبين الحديثين عموم وخصوص منْ وجه، فيتعارضان باعتبار مادة الاتفاق، وهي حيث يكون البائع مدعيا، فينبغي أن يرجع فِي الترجيح إلى الأمور الخارجية، وحديث:"اليمين عَلَى المدعى عليه"، متّفقٌ عليه.
وأخرجه الطبراني بلفظ:"البينة عَلَى المدعي، واليمين عَلَى المدعى عليه"، وأخرجه الإسماعيلي بلفظ:"ولكن البينة عَلَى الطالب، واليمين عَلَى المطلوب"، وأخرجه البيهقي بلفظ:"لو يُعطى النَّاس بدعواهم، لادّعى رجال أموال قوم ودماءهم، ولكن البينة عَلَى المدعي، واليمين عَلَى منْ أنكر"، وهذه الألفاظ كلها فِي حديث ابن عباس، فمن رام الترجيح بين الحديثين، لم يصعب عليه ذلك، بعد هَذَا البيان، ومن أمكنه الجمع بوجه مقبول فهو المتعين. انتهى كلام الشوكاني "نيل الأوطار" ٥/ ٢٣٧ - ٢٣٩.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: حديث: "اليمين عَلَى المدّعى عليه" سيأتي للمصنّف رحمه الله تعالى فِي "كتاب آداب القضاء" ٣٦/ ٥٤٢٧ - وسأستوفي البحث عنه هناك، إن شاء الله تعالى.
وخلاصة حديث الباب أنه حديث صحيح بمجموع طرقه، كما تبيّن منْ التفصيل المذكور. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -٨٢/ ٤٦٥٠ و٤٦٥١ - وفي "الكبرى" ٨٣/ ٦٢٤٤ و٦٢٤٥. وأخرجه (د) فِي "البيوع" ٢٥١١ (ت) فِي "البيوع" ١٢٧٠ (الدارمي) فِي "البيوع" ٢٤٣٦. والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): فِي فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان حكم اختلاف المتبايعين فِي الثمن، وهو أنه إذا لم يكن لهم بينة فالقول قول البائع، إن رضي المشتري، أو يفسخان العقد، وسيأتي فِي المسألة التالية اختلاف العلماء فيه، إن شاء الله تعالى. (ومنها): أن ظاهر الْحَدِيث تعميم الاختلاف فِي كلّ شيء، ليس الثمن فقط؛ لأن المتعلّق محذوف. (ومنها): أن الرواية التالية تدلّ عَلَى أن اختيار المشتري بين الأخذ والترك بعد أن يحلف البائع، لا قبله، وَقَدْ سبق أن لفظة "تحالفا" لا تثبت رواية. والله