للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

-صلى الله عليه وسلم- (أَلَكَ مَالٌ غَيْرُهُ؟، قَالَ: لَا) أي ليس لي مالٌ غير هَذَا العبد، وفيه بيان سبب بيع العبد، وهو كونه لا يملك غيره، وقيل: سببه الدين، وقيل: سببه الدين والحاجة معًا، وتقدم بيان ذلك مفصّلاً فِي الباب المذكور (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي) فيه جواز بيع المدبّر، وهو محل الترجمة هنا، وفيه خلاف بين العلماء، سيأتي تحقيقه قريبًا، إن شاء الله تعالى (فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَدَوِيُّ) هو نعيم بن عبد الله بن أَسيد بن عَبد بن عوف بن عَبيد بن عَويج بن عَدي بن كعب بن لؤي، وأَسيد وعَبيد وعَويج فِي نسبه مفتوحٌ أول كل منها، قرشي، عدوي، أسلم قديمًا قبل عمر، فكتم إسلامه، وأراد الهجرة، فسأله بنو عدي أن يُقيم عَلَى أي دين شاء؛ لأنه كَانَ يُنفق عَلَى أراملهم وأيتامهم، ففعل، ثم هاجر عام الحديبية، ومعه أربعون منْ أهل بيته، واستُشهد فِي فتوح الشام، زمنَ أبي بكر، أو عمر، وروى الحارث فِي "مسنده" بإسناد حسن: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- سماه صالحا، وكان اسمه الذي يعرف به نُعيما.

وكان يُعرف بـ"النحام" بالنون والحاء المهملة الثقيلة، عند الجمهور، وضبطه ابن الكلبي بضم النون، وتخفيف الحاء، ومنعه الصغاني، وهو لقب نُعيم، وظاهر الرواية أنه لقب أبيه، قَالَ النوويّ: وهو غلط؛ لقول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "دخلت الجنة فسمعت فيها نَحْمَةً منْ نعيم". انتهى، وكذا قَالَ ابن العربي، وعياض، وغير واحد، قَالَ الحافظ رحمه الله: لكن الْحَدِيث المذكور منْ رواية الواقدي، وهو ضعيف، ولا تُرَدُّ الروايات الصحيحة بمثل هَذَا، فلعل أباه أيضا، كَانَ يقال له: النحام، و"النَّحْمَة" -بفتح النون، وإسكان المهملة-: الصوت، وقيل: السَّعْلَة، وقيل: النحنحة. قاله فِي "الفتح" ٥/ ٤٧١.

(بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ) قَالَ فِي "الفتح": اتفقت الطرق عَلَى أن ثمنه ثمانمائة درهم، إلا ما أخرجه أبو داود، منْ طريق هشيم، عن إسماعيل، قَالَ: "سبعمائة، أو تسعمائة". انتهى.

(فَجَاءَ بِهَا) أي جاء نعيم بتلك الدراهم (رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ) أي دفع -صلى الله عليه وسلم- تلك الدراهم إلى صاحب المدبّر المذكور (ثُمَّ قَالَ: "ابْدَأْ بِنَفْسِكَ، فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا) وفي رواية: "إذا كَانَ أحدكم فقيرًا فليبدأ بنفسه". وفي رواية لأَبي داود: "أنت أحقّ بثمنه، والله أغنى عنه" (فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلأَهْلِكَ، فَإِنْ فَضَلَ مِنْ أَهْلِكَ شَيْءٌ، فَلِذِي قَرَابَتِكَ، فَإِنْ فَضَلَ مِنْ ذِي قَرَابَتِكَ شَيْءٌ، فَهَكَذَا، وَهَكَذَا، وَهَكَذَا") أي تتصدّق به فِي وجوه الخير (يَقُولُ: بَيْنَ يَدَيْكَ، وَعَنْ يَمِينِكَ، وَعَنْ شِمَالِكَ) هَذَا تفسير منْ بعض الرواة.

[تنبيه]: قَالَ فِي "الفتح": ما حاصله: اتفقت الروايات عَلَى أن بيع المدبر كَانَ فِي