(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان جواز بيع المدبّر، وهو مذهب الشافعيّ، وأهل الْحَدِيث، وهو الحقّ، وسيأتي تحقيق الخلاف فِي ذلك فِي المسألة التالية، إن شاء الله تعالى. (ومنها): مشروعيّة تدبير المملوك، قَالَ القرطبيّ وغيره: اتفقوا عَلَى مشروعية التدبير، واتفقوا عَلَى أنه منْ الثلث، غير الليث، وزفر، فإنهما قالا: منْ رأس المال، واختلفوا هل هو عقد جائز، أو لازم، فمن قَالَ: لازم منع التصرف فيه، إلا بالعتق، ومن قَالَ: جائز أجاز، وبالأول قَالَ مالك، والأوزاعي، والكوفيون، وبالثاني قَالَ الشافعيّ، وأهل الْحَدِيث، وحجتهم حديث الباب، ولأنه تعليق للعتق بصفة، انفرد السيد بها، فيتمكن منْ بيعه، كمن علق عتقه بدخول الدار مثلا, ولأن منْ أوصى بعتق شخص، جاز له بيعه باتفاق، فيلحق به جواز بيع المدبر؛ لأنه فِي معنى الوصية، وقيد الليث الجواز بالحاجة، وإلا فيكره، وأجاب الأول بأنها قضية عين، لا عموم لها، فيحمل عَلَى بعض الصور، وهو اختصاص الجواز بما إذا كَانَ عليه دين، وهو مشهور مذهب أحمد، والخلاف فِي مذهب مالك أيضا، وأجاب بعض المالكية عن الْحَدِيث، بأنه -صلى الله عليه وسلم-، رَدَّ تصرف هَذَا الرجل؛ لكونه لم يكن له مال غيره، فيستدل به عَلَى رد تصرف منْ تصدق بجميع ماله، وادعى بعضهم أنه -صلى الله عليه وسلم-، إنما باع خدمة المدبر، لا رقبته، واحتَجَّ بما رواه ابن فضيل، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن جابر: أنه -صلى الله عليه وسلم- قَالَ:"لا بأس ببيع خدمة المدبر"، أخرجه الدارقطنيّ، ورجال إسناده ثقات، إلا أنه اختُلف فِي وصله وإرساله، ولو صح لم يكن فيه حجة، إذ لا دليل فيه عَلَى أن البيع الذي وقع فِي قصة المدبر، الذي اشتراه نعيم بن النحام، كَانَ فِي منفعته، دون رقبته. قاله فِي "الفتح" ٥/ ١٧٤ - ١٧٥. وسيأتي تمام البحث فِي المسألة التالية، إن شاء الله تعالى.
(ومنها): أنّ الحقوق إذا تزاحمت قُدّم الأوكد، فالأوكد (ومنها): أن الأفضل فِي صدقة التطوّع أن ينوّعها فِي جهات الخير، ووجوه البرّ، بحسب المصلحة، ولا ينحصر فِي جهة بعينها. (ومنها): أن الدين مقدّم عَلَى التبرّع بالتدبير (ومنها): أن للإمام أن يبيع أموال النَّاس بسبب ديونهم. (ومنها): أنه يُحجر عَلَى السفيه، ويُردّ عليه تصرّفه، وَقَدْ اختلف العلماء فِي ذلك، وَقَدْ تقدم تمام البحث فيه فِي شرح ١٢/ ٤٤٨٦ "حديث الرجل الذي كَانَ يُخدَع فِي البيع"، فراجعه تستفد. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): فِي اختلاف أهل العلم فِي بيع المدبّر: