للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تقدّم تمام البحث فِي هَذَا فِي "كتاب الفرَع والعتيرة" فراجعه تستفد.

وقوله: "لا هو حرام": معناه لا تبيعوها، فإن بيعها حرام، والضمير فِي "هو" يعود إلى البيع، لا إلى الانتفاع، هَذَا هو الصحيح، عند الشافعيّ، وأصحابه، أنه يجوز الانتفاع بشحم الميتة، فِي طلى السُّفُن، والاستصباح بها، وغير ذلك، مما ليس بأكل، ولا فِي بدن الآدمي، وبهذا قَالَ أيضا عطاء بن أبي رباح، ومحمد بن جرير الطبري.

وَقَالَ الجمهور: لا يجوز الانتفاع به فِي شيء أصلا؛ لعموم النهي عن الانتفاع بالميتة، إلا ما خُصّ، وهو الجلد المدبوغ.

وأما الزيت، والسمن، ونحوهما، منْ الأدهان التي أصابتها نجاسة، فهل يجوز الاستصباح بها، ونحوه منْ الاستعمال فِي غير الأكل وغير البدن، أو يُجعل منْ الزيت صابون، أو يطعم العسل المتنجس للنحل، أو يطعم الميتة لكلابه، أو يطعم الطعام النجس لدوابه، فيه خلاف بين السلف، الصحيح منْ مذهب الشافعيّ جواز جميع ذلك، ونقله القاضي عياض عن مالك، وكثير منْ الصحابة، والشافعي، والثوري، وأبي حنيفة وأصحابه، والليث بن سعد، قَالَ: وروى نحوه عن علي، وابن عمر، وأبي موسى، والقاسم بن محمد، وسالم بن عبد الله بن عمر، قَالَ: وأجاز أبو حنيفة، وأصحابه، والليث، وغيرهم، بيع الزيت النجس إذا بينه. وَقَالَ عبد الملك بن الماجشون، وأحمد ابن حنبل، وأحمد بن صالح: لا يجوز الانتفاع بشئ منْ ذلك كله، فِي شيء منْ الأشياء. والله أعلم.

قَالَ العلماء: وفي عموم تحريم بيع الميتة، أنه يحرم بيع جثة الكافر، إذا قتلناه، وطلب الكفار شراءه، أو دفع عوض عنه، وَقَدْ جاء فِي الْحَدِيث: أن نوفل بن عبد الله المخزومي، قتله المسلمون يوم الخندق، فبذل الكفار فِي جسده عشرة آلاف درهم للنبي -صلى الله عليه وسلم-، فلم يأخذها، ودفعه إليهم، وذكر الترمذيّ حديثا نحو هَذَا.

قَالَ الشافعيّة: العلة فِي منع بيع الميتة، والخمر، والخنزير النجاسة، فيتعدى إلى كل نجاسة، والعلة فِي الأصنام كونها ليس فيها منفعة مباحة، فإن كانت بحيث إذا كُسرت، ينتفع برضاضها، ففي صحة بيعها خلاف مشهور لأصحاب الشافعيّ، منهم منْ منعه؛ لظاهر النهى، وإطلاقه، ومنهم منْ جَوّزه؛ اعتمادا عَلَى الانتفاع، وتأول الْحَدِيث عَلَى ما لم ينتفع برضاضه، أو عَلَى كراهة التنزيه فِي الأصنام خاصة.

وأما الميتة، والخمر، والخنزير: فأجمع المسلمون عَلَى تحريم بيع كل واحد منها. والله أعلم.

قَالَ القاضي عياض: تضمن هَذَا الْحَدِيث أن ما لا يحل أكله، والانتفاع به لا يجوز