بيعه، ولا يحل أكل ثمنه، كما فِي الشحوم المذكورة فِي الْحَدِيث، فاعترض بعض اليهود، والملاحدة بأن الابن إذا ورث منْ أبيه جارية كَانَ الأب وطئها، فإنها تحرم عَلَى الابن، ويحل له بيعها بالإجماع، وأكل ثمنها.
قَالَ القاضي: وهذا تمويه عَلَى منْ لا علم عنده؛ لأن جارية الأب، لم يحرم عَلَى الابن منها غير الإستمتاع عَلَى هَذَا الولد، دون غيره منْ النَّاس، ويحل لهذا الابن الانتفاع بها، فِي جميع الأشياء، سوى الاستمتاع، ويحل لغيره الاستمتاع وغيره، بخلاف الشحوم، فإنها محرمة المقصود منها، وهو الأكل منها عَلَى جميع اليهود، وكذلك شحوم الميتة محرمة الأكل عَلَى كل أحد، وكان ما عدا الأكل تابعا له، بخلاف موطوأة الأب. والله أعلم. قاله النوويّ رحمه الله تعالى فِي "شرح مسلم" ١١/ ٨ - ١١.
وَقَالَ فِي "الفتح": قَالَ جمهور العلماء: العلة فِي منع بيع الميتة، والخمر، والخنزير، النجاسة، فيتعدى ذلك إلى كل نجاسة، ولكن المشهور عند مالك طهارة الخنزير.
والعلة فِي منع بيع الأصنام عدم المنفعة المباحة، فعلى هَذَا إن كانت بحيث إذا كُسرت ينتفع برُضَاضها، جاز بيعها، عند بعض العلماء، منْ الشافعيّة وغيرهم، والأكثر عَلَى المنع؛ حملا للنهي عَلَى ظاهره، والظاهر أن النهي عن بيعها للمبالغة فِي التنفير عنها، ويلتحق بها فِي الحكم الصُّلْبان التي تُعَظَّمها النصارى، ويحرم نَحْتُ جميع ذلك وصنعته.
وأجمعوا عَلَى تحريم بيع الميتة، والخمر، والخنزير، ورخص بعض العلماء فِي القليل منْ شعر الخنزير للخَرْز، حكاه ابن المنذر عن الأوزاعي، وأبي يوسف، وبعض المالكية، فعلى هَذَا يجوز بيعه، ويستثنى منْ الميتة عند بعض العلماء، ما لا تُحَلُّه الحياة، كالشعر، والصوف، والوبر، فإنه طاهر، فيجوز بيعه، وهو قول أكثر المالكية، والحنفية، وزاد بعضهم العظم، والسن، والقرن، والظِّلْف، وَقَالَ بنجاسة الشعور الحسن، والليث، والأوزاعي، ولكنها تطهر عندهم بالغسل، وكأنها متنجسة عندهم، بما يتعلق بها منْ رطوبات الميتة، لا نجسة العين، ونحوه قول ابن القاسم فِي عظم الفيل: إنه يطهر إذا سُلِق بالماء. انتهى "فتح" ببعض تصرّف ٥/ ١٧٨ - ١٧٩.