للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: هَذَا الاحتمال أيضًا مثل سابقه؛ لأنه لا دليل عَلَى هَذَا التخصيص، فتأمل.

والحاصل أن الأظهر إجراؤه عَلَى عمومه. والله تعالى أعلم.

(إِلَّا أَنَّهُ كَانَ لِي غُلَامٌ) أي خادم (وَكُنْتُ أُدَايِنُ النَّاسَ، فَإِذَا بَعَثْتُهُ) أي الغلام (لِيَتَقَاضَى) أي ليقبض الدين (قُلْتُ لَهُ: خُذْ مَا تَيَسَّرَ) ولفظ "الكبرى": "ما يَسُرَ": أي ما قلّ، أو سَهُل، يقال: يسُر الشيءُ مثلُ قرُب: قَلَّ، فهو يسيرٌ، ويَسِرَ الأمرُ يَيْسَرُ يَسَرًا، منْ باب تَعِبَ، ويِسُرَ يُسْرًا، منْ باب قرب، فهو يسيرٌ: أي سَهْلٌ، ويسّره الله، فتيسّر، واستتير بمعنى. قاله الفيّوميّ (١).

(وَاتْرُكْ مَا عَسُرَ) وفي نسخة: "ما تعسّر" (وَتَجَاوَزْ) قَالَ فِي "الفتح": ويدخل فِي لفظ التجاوز الإنظار، والوضيعة، وحسن التقاضي. انتهى (٢) (لَعَلَّ اللَّهَ يَتَجَاوَزُ عَنَّا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قَدْ تَجَاوَزْتُ عَنْكَ) أي عفوت عن ذنوبك، وغفرتها لك. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:

(المسألة الأولى): فِي درجته:

حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- هَذَا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا -١٠٤/ ٤٦٩٦ و٤٦٩٧ - وفي "الكبرى" ١٠٦/ ٦٢٩٣ و٦٢٩٤. وأخرجه (خ) فِي "البيوع" ٢٠٧٨ و"أحاديث الأنبياء" ٣٤٨٠ (م) فِي "البيوع" ١٥٦٢ (أحمد) فِي "باقي مسند المكثرين" ٧٥٢٥. والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): فِي فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان حسن المعاملة، والرفق فِي المطالبة. (ومنها): بيان أن شريعة منْ قبلنا شريعة لنا، إذا لم يرد فِي شرعنا ما يردّه، وهذا هو الصحيح منْ قولي العلماء فِي المسألة، وهو مذهب المصنّف، والبخاري، ومسلم، وغيرهما، حيث أوردوا هَذَا الْحَدِيث مستدلين به عَلَى ما ترجموا له. (ومنها): فضل إنظار المعسر، والوضع عنه إما كل الدين، وإما بعضه. (ومنها): فضل المسامحة فِي الاقتضاء، والاستيفاء، سواء كَانَ منْ معسر أو موسر. (ومنها): فضل الوضع منْ


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٦٨٠.
(٢) "الفتح" ٥/ ٣١.