وتحت، وما جرى مجرى ذلك منْ أسماء الجهات، كأمام، ووراء، وأعلى وأسفل، ونحوها، فهذا وما أشبهه منْ الأمكنة يكون ظرفًا؛ لأنه غير محدود، ألا ترى أن خلفك قد يكون قدّاما لغيرك.
وأما المحدود الذي له أقطار تحويه، نحو الجبل، والوادي، والسوق، والمسجد، والدار، فلا يكون ظرفًا؛ لأنك لا تقول: قعدت الدار، ولا صلّيت المسجد، ولا نِمتُ الجبل، ولا قمت الوادي، وما جاء منْ ذلك، فإنما هو بحذف حرف الجرّ، نحو دخلت البيت، وصعدت الجبل، ونزلت الوادي. انتهى خلاصةُ ما قاله ابن منظور باختصار فِي مادة "دخل" (١). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث عثمان بن عفّان رضي الله تعالى عنه هَذَا حسنٌ.
[فإن قلت]: كيف يكون حسنًا، وفيه عطاء بن فرّوخ، وَقَالَ عنه فِي "التقريب": مقبول، فيحتاج إلى متابع، وأيضًا تقدم عن ابن المديني ما يدلّ عَلَى أنه منقطع؟.
[قلت]: إنما كَانَ حسنًا؛ لشواهده، فقد أخرج البخاريّ فِي "صحيحه" منْ حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "رحم الله رجلا سمحا إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى". وأخرج الترمذيّ، والحاكم منْ حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، مرفوعًا: "إن الله يحبّ سمح البيع، سمح الشراء، سمح القضاء،".
والحاصل أن حديث عثمان -رضي الله عنه- هَذَا حسن؛ لما ذكر. والله تعالى أعلم.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -١٠٤/ ٤٦٩٨ - وفي "الكبرى" ١٠٦/ ٦٢٩٥. وأخرجه (ق) فِي "الأحكام" ٢٢٠٢. والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): فِي فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان حسن العاملة، والرفق فِي المطالبة. (ومنها): الحضّ عَلَى استعمال معالي الأخلاق، وترك المشاحّة. (ومنها): الحضّ عَلَى ترك التضييق عَلَى النَّاس فِي المطالبة، وأخذ العفو عنهم. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(١) انظر "لسان العرب" ١١/ ٢٣٩ - ٢٤٠.