قيمةَ عدل، فأَعْطَى شُركاءَه حِصَصَهم، وعتق عليه العبد، وإلا فقد عتق منه ما عتق".
وفي روية موسى بن عقبة، قَالَ: أخبرني نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنه كَانَ يفتي فِي العبد، أو الأمة يكون بين شُركاء، فيُعتق أحدهم نصيبه منه، يقول: قد وجب عليه عتقه كلِّهِ، إذا كَانَ للذي أعتق منْ المال ما يبلُغُ يُقوَّم منْ ماله قيمة العدل، ويُدفَع إلى الشركاء أنصاؤهم، ويُخلَّى سَبيل المعتق، يُخبر بذلك ابن عمر، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-.
قَالَ فِي "الفتح": قوله: "فأعطى شركاءه": كذا للأكثر عَلَى البناء للفاعل، وشركاءه بالنصب، ولبعضهم: "فأُعطي" عَلَى البناء للمفعول، و"شركاؤه" بالضم.
وقوله: "حصصهم": أي قيمة حصصهم: أي إن كَانَ له شركاء، فإن كَانَ له شريك أعطاه جميع الباقي، وهذا لا خلاف فيه، فلو كَانَ مشتركا بين الثلاثة، فأعتق أحدهم حصته، وهي الثلث، والثاني حصته، وهي السدس، فهل يُقَوَّم عليهما نصيب صاحب النصف بالسوية، أو عَلَى قدر الحصص، الجمهور عَلَى الثاني، وعند المالكية، والحنابلة خلاف، كالخلاف فِي الشفعة، إذا كانت لاثنين، هل يأخذان بالسوية، أو عَلَى قدر الملك. وقوله: "عتق منه ما عتق": قَالَ الداودي: هو بفتح العين منْ الأول، ويجوز الفتح والضم فِي الثاني، وتعقبه ابن التين بأنه لم يقله غيره، وإنما يقال عَتَقَ بالفتح، وأُعتِق بضم الهمزة، ولا يعرف عُتِق بضم أوله؛ لأن الفعل لازم، غير متعد.
ولفظ رواية عبيد الله بن عمر، عن نافع: "منْ أعتق شركًا له فِي مملوكه، فعليه عتقه كلّه، إن كَانَ له مال، يبلغ ثمنه، فإن لم يكن له مال يُقوّم عليه قيمة عَدلٍ عَلَى المعتِقِ، فأُعتق منه ما أعتق".
قَالَ فِي "الفتح": قوله: "فان لم يكن له مال يقوم عليه قيمة عدل عَلَى المعتق" هكذا فِي هَذَا الرواية, وظاهرها أن التقويم يشرع فِي حق منْ لم يكن له مال، وليس كذلك، بل قوله: "يُقَوَّم" ليس جوابا للشرط، بل هو صفةُ منْ له المال، والمعنى: أن منْ لا مال له، بحيث يقع عليه اسم التقويم، فإن العتق يقع فِي نصيبه خاصة، وجواب الشرط هو قوله: "فأُعتق منه ما أَعتق"، والتقدير: فقد أُعتق منه ما أَعتَق، وَقَدْ وقع فِي رواية أبي بكر، وعثمان ابني أبي شيبة، عن أبي أسامة، عند الإسماعيلي، بلفظ: "فإن لم يكن له مال، يقوم عليه قيمة عدل، عَتَقَ منه ما عتق".
وأوضح منْ ذلك رواية خالد بن الحارث، عن عبيد الله، عند النسائيّ فِي "الكبرى" ١٤/ ٤٩٤٧ - بلفظ: "فإن كَانَ له مال، قُوِّم عليه قيمةَ عدل فِي ماله، فإن لم يكن له مال، عَتَق منه ما عَتَق".