"الفتح": ظاهره اعتبار ذلك حال العتق حَتَّى لو كَانَ معسرا، ثم أيسر بعد ذلك، لم يتغير الحكم، ومفهومه أنه إن كَانَ معسرا، لم يُقَوَّم، وَقَدْ أفصح بذلك فِي رواية مالك، حيث قَالَ فيها:"وإلا فقد عتق منه ما عتق"، ويبقى ما لم يُعتق عَلَى حكمه الأول، هَذَا الذي يفهم منْ هَذَا السياق، وهو السكوت عن الحكم بعد هَذَا الإبقاء.
وقوله:"قُوِّم عليه": بضم أوله، زاد مسلم، والنسائي فِي "الكبرى": فِي روايتهما منْ هَذَا الوجه: "فِي ماله قيمةَ عدل، لا وَكْسَ، ولا شَطَطَ"، والوَكْسُ بفتح الواو، وسكون الكاف، بعدها مهملة: النقص، والشطط: بمعجمة، ثم مهملة مكررة، والفتح: الْجَوْرُ. واتفق منْ قَالَ بذلك منْ العلماء عَلَى أنه يُباع عليه فِي حصة شريكه، جميع ما يباع عليه فِي الدين، عَلَى اختلاف عندهم فِي ذلك، ولو كَانَ عليه دين، بقدر ما يملكه، كَانَ فِي حكم الموسر، عَلَى أصح قولي العلماء، وهو كالخلاف فِي أن الدين، هل يمنع الزكاة، أم لا؟.
ووقع فِي رواية الشافعيّ، والحميدي:"فإنه يُقَوَّم عليه بأعلى القيمة، أو قيمة عدل"، وهو شك منْ سفيان، وَقَدْ رواه أكثر أصحابه عنه، بلفظ:"قُوِّم عليه قيمةَ عدل"، وهو الصواب.
(ثَمَنَهُ) أي ثمن العبد، والمراد ثمن بقية العبد؛ لأنه موسر بحصته، وَقَدْ أوضح ذلك النسائيّ فِي "الكبرى" ١٤/ ٤٩٥١ - منْ طريق زيد بن أبي أنيسة، عن عمر بن نافع، وعبيد الله بن عمر، ومحمد بن عجلان، عن نافع، عن ابن عمر، بلفظ:"أيما رجل، كَانَ له شرك فِي عبد، فأعتق نصيبه منه، وله مال، يبلغ قيمة أنصباء شركائه، فإنه يضمن لشركائه أنصباءهم، ويَعتِق العبد".
والمراد بالثمن هنا القيمة؛ لأن الثمن ما اشتريت به العين، واللازم هنا القسمة، لا الثمن، وَقَدْ تبين المراد فِي رواية زيد بن أبي أنيسة المذكورة.
(بِقِيمَةِ الْعَبْدِ) هكذا نسخ "المجتبى" التي بين يديّ، بلفظ "العبد"، وهو غلطٌ، والصواب ما فِي "الكبرى" بلفظ: "بقيمة العدل"، وهو الذي فِي "صحيح البخاريّ"، وغيره، ومعنى "قيمة العدل" يحتمل أن تكون الإضافة فيه بيانيّة: أي بقيمة، هي عدْلٌ ووسَطٌ، لا زيادة فيها, ولا نقص، فهو بمعنى رواية "الكبرى" المذكورة: "قيمة عدل، لا وَكْسَ، ولا شَطَط".
(فَهُوَ) أي ذلك العبد (عَتِيقٌ) بفتح أوله، وكسر ثانيه: أي مُعتَق بضم أوله وفتح المثناة (مِنْ مَالِهِ) أي منْ مال ذلك الشخص الذي أعتق نصيبه، ولفظ البخاريّ منْ طريق مالك، عن نافع: "منْ أعتق شركا له فِي عبد، فكان له مالٌ، يبلغ ثمن العبد، قُوِّم العبد عليه