ابن التين رحمه الله تعالى: أراد أن العبد كالامة، لاشتراكهما فِي الرق، قَالَ: وَقَدْ بُيِّن فِي حديث ابن عمر فِي آخر الباب، أنه كَانَ يفتي فيهما بذلك انتهى.
قَالَ الحافظ رحمه الله تعالى: وكأنه أشار إلى رد قول إسحاق بن راهويه: إن هَذَا الحكم مختص بالذكور، وهو خطأ.
وادَّعَى ابن حزم أن لفظ العبد فِي اللغة يتناول الأمة، وفيه نظر، ولعله أراد المملوك.
وَقَالَ القرطبيّ: العبد اسم للمملوك الذكر، بأصل وضعه، والأمة اسم لمؤنثه بغير لفظه، ومن ثم قَالَ إسحاق: إن هَذَا الحكم لا يتناول الأنثى، وخالفه الجمهور، فلم يفرقوا فِي الحكم بين الذكر والأنثى، إما لأن لفظ العبد يراد به الجنس، كقوله تعالى: {إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا} الآية [مريم: ٩٣]، فإنه يتناول الذكر والأنثى قطعا، وإما عَلَى طريق الإلحاق؛ لعدم الفارق، قَالَ: وحديث ابن عمر منْ طريق موسى بن عقبة، عن نافع، عنه: أنه كَانَ يفتي فِي العبد والأمة، يكون بين الشركاء الْحَدِيث، وَقَدْ قَالَ فِي آخره: يخبر ذلك عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فظاهره أن الجميع مرفوع.
وَقَدْ رواه الدارقطنيّ منْ طريق الزهريّ، عن نافع، عن ابن عمر، قَالَ: قَالَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "منْ كَانَ له شرك فِي عبد، أو أمة" الْحَدِيث، قَالَ الحافظ: وهذا أصرح ما وجدته فِي ذلك، ومثله ما أخرجه الطحاوي، منْ طريق ابن إسحاق، عن نافع مثله، وَقَالَ فيه: "حُمِل عليه ما بقي فِي ماله، حَتَّى يَعتَق كلُّه".
وَقَدْ قَالَ إمام الحرمين: إدراك كون الأمة فِي هَذَا الحكم كالعبد، حاصل للسامع قبل التفطن، لوجه الجمع والفرق، والله أعلم.
قَالَ الحافظ: وَقَدْ فرق بينهما عثمان البَتَّيُّ بمأخذ آخر، فَقَالَ: ينفذ عتق الشريك فِي جميعه، ولا شيء عليه لشريكه، إلا أن تكون الأمة جميلة، تراد للوطء، فيضمن ما أدخل عَلَى شريكه فيها منْ الضرر.
قَالَ النوويّ: قول إسحاق شاذّ، وقول عثمان فاسد. انتهى.
وإنما قيد البخاريّ العبد باثنين، والأمة بالشركاء، اتّباعا للفظ الْحَدِيث الوارد فيهما، وإلا فالحكم فِي الجميع سواء. انتهى "فتح" ٥/ ٤٥٣.
(وَكَانَ لَهُ مِنَ الْمَالِ، مَا يَبْلُغُ) وَقَالَ فِي "الفتح": والتقييد بـ"يبلغ" يُخرج ما إذا كَانَ له مال، لكنه لا يبلغ قيمة النصيب، وظاهره أنه فِي هذه الصورة لا يُقَوَّم عليه مطلقا، لكن الأصح عند الشافعيّة، وهو مذهب مالك: أنه يَسرِي إلى القدر الذي هو موسر به، تنفيذا للعتق بحسب الإمكان. انتهى.
وفي رواية البخاريّ منْ طريق سالم، عن أبيه: "فإن كَانَ موسرًا قُوّم عليه": قَالَ فِي