للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وعلى أبي حنيفة، حيث قَالَ: يتخير الشريك، بين أن يُقوّم نصيبه عَلَى المعتق، أو يُعتِق نصيبه، أو يُستسعَى العبدُ فِي نصيب الشريك، ويقال: إنه لم يُسبَق إلى ذلك، ولم يتابعه عليه أحد، حَتَّى ولا صاحباه، وطرد قوله فِي ذلك، فيما لو أعتق بعضَ عبده، فالجمهور، قالوا: يعتق كله، وَقَالَ هو: يُستسعَى العبدُ فِي قيمة نفسه لمولاه، واستثنى الحنفية، ما إذا أذن الشريك، فَقَالَ لشريكه: أعتق نصيبك، قالوا: فلا ضمان فيه.

(ومنها): أنه استُدِلَّ به عَلَى أن منْ أتلف شيئا منْ الحيوان، فعليه قيمته، لا مثله، ويلتحق بذلك ما لا يكال، ولا يوزن، عند الجمهور.

[تنبيه]: قَالَ ابن بطال رحمه الله تعالى: قيل: الحكمة فِي التقويم عَلَى الموسر، أن تكمل حرية العبد؛ لتتم شهادته وحدوده، قَالَ: والصواب أنها لاستكمال إنقاذ الْمُعتِق منْ النار. قَالَ الحافظ: وليس القول المذكور مردودا، بل هو محتمل أيضا، ولعل ذلك أيضا هو الحكمة فِي مشروعية الاستسعاء. ذكره فِي "الفتح" ٥/ ٤٥٨. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): فِي اختلاف العلماء فِي الجمع بين حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما هَذَا، وحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- الذي أخرجه المصنّف فِي "كتاب العتق" منْ "الكبرى" بطرق، وألفاظ مختلفة، وأخرجه الشيخان، وغيرهم.

قَالَ الإِمام البخاريّ رحمه الله تعالى فِي "صحيحه": ٢/ ٨٩٣: "باب إذا أعتق نصيبا فِي عبد، وليس له مال استُسعي العبد، غير مشقوق عليه، عَلَى نحو الكتابة":

حدثنا أحمد بن أبي رجاء، حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا جرير بن حازم، سمعت قتادة، قَالَ: حدثني النضر بن أنس بن مالك، عن بَشِير بن نَهِيك، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "منْ أعتق شقيصا منْ عبد".

حدثنا مسدد، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن بَشِير بن نهِيك، عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: "منْ أعتق نصيبا، أو شقيصا فِي مملوك، فخلاصه عليه فِي ماله، إن كَانَ له مال، وإلا قُوّم عليه، فاستُسعيَ به، غير مشقوق عليه".

تابعه حجاج بن حجاج، وأبان وموسى بن خلف، عن قتادة اختصره شعبة. انتهى.

قَالَ فِي "الفتح": قوله: "باب إذا أعتق نصيبا فِي عبد الخ": أشار البخاريّ بهذه الترجمة إلى أن المراد بقوله، فِي حديث ابن عمر: "وإلا فقد عَتَق منه ما عَتَق": أي وإلا فإن كَانَ المعتق لا مال له، يبلغ قيمة بقية العبد، فقد تنجز عتق الجزء الذي كَانَ يملكه، وبقي الجزء الذي لشريكه عَلَى ما كَانَ عليه أولا، إلى أن يستسعى العبد فِي تحصيل القدر