الذي يخلص به باقيه منْ الرِّقّ، إن قوي عَلَى ذلك، فإن عَجَّز نفسه، استمرت حصة الشريك موقوفة، وهو مصير منه إلى القول بصحة الحديثين جميعا، والحكم برفع الزيادتين معا، وهما قوله فِي حديث ابن عمر:"وإلا فقد عتق منه ما عتق"، وَقَدْ تقدم بيان منْ جزم بأنها منْ جملة الْحَدِيث، وبيان منْ توقف فيها، أو جزم بأنها منْ قول نافع، وقوله فِي حديث أبي هريرة:"فاستُسْعِيَ به، غير مشقوق عليه"، وسيأتي بيان منْ جزم بأنها منْ جملة الْحَدِيث، ومن توقف فيها، أو جزم بأنها منْ قول قتادة، قَالَ الحافظ: وَقَدْ بينت ذلك فِي كتابي "المدرج" بأبسط مما هنا، وَقَدْ استبعد الإسماعيلي إمكان الجمع بين حديثي ابن عمر وأبي هريرة، ومنع الحكم بصحتهما معا، وجزم بأنهما متدافعان، وَقَدْ جمع غيره بينهما بأوجه أخر، يأتي بيانها فِي أواخر الباب، إن شاء الله تعالى.
وقوله:"منْ أعتق شقيصا منْ عبد"، وللإسماعيلي منْ طريق بشر بن السري، ويحيى بن بكير جميعا، عن جرير بن حازم، بلفظ:"منْ أعتق شقصا منْ غلام، وكان للذي أعتقه منْ المال، ما يبلغ قيمة العبد، أُعتق فِي ماله، وإن لم يكن له مال، استُسْعِي العبدُ، غير مشقوق عليه".
وقوله:"غير مشقوق عليه": قَالَ ابن التين: معناه لا يُستَغْلَى عليه فِي الثمن، وقيل: معناه غير مكاتب، وهو بعيدٌ جدًّا، وفي ثبوت الاستسعاء حجة عَلَى ابن سيرين، حيث قَالَ: يعتق نصيب الشريك الذي لم يُعتِق منْ بيت المال.
وَقَالَ عند قوله:"تابعه حجاج بن حجاج، وأبان وموسى بن خلف، عن قتادة، واختصره شعبة": ما حاصله: أراد البخاريّ بهذا الردَّ عَلَى منْ زعم أن الاستسعاء فِي هَذَا الْحَدِيث غير محفوظ، وأن سعيد بن أبي عروبة تفرد به، فاستظهر له برواية جرير بن حازم بموافقته، ثم ذكر ثلاثة تابعوهما عَلَى ذكرها:
فأما رواية حجاج، فهو فِي نسخة حجاج بن حجاج، عن قتادة، منْ رواية أحمد بن حفص، أحد شيوخ البخاريّ، عن أبيه، عن إبراهيم بن طهمان، عن حجاج، وفيها ذكر السعاية، ورواه عن قتادة أيضا حجاج بن أرطاة، أخرجه الطحاوي.
وأما رواية أبان، فأخرجها أبو داود، والنسائي منْ طريقه، قَالَ: حدثنا قتادة، أخبرنا النضر بن أنس، ولفظه:"فإنّ عليه أن يُعتِق بقيته، إن كَانَ له مال، وإلا استُسعي العبد"، الْحَدِيث، ولأبي داود:"فعليه أن يعتقه كله"، والباقي سواء.
وأما رواية موسى بن خلف، فوصلها الخطيب فِي كتاب "الفصل والوصل" منْ طريق أبي ظَفَر، عبد السلام بن مطهّر عنه، عن قتادة، عن النضر، ولفظه: "منْ أعتق شِقْصًا له فِي مملوك، فعليه خلاصه، إن كَانَ له مال، فإن لم يكن له، مال استُسعي، غير مشقوق