للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(ومنها): أن شيخه أحد مشايخ الستة بلا واسطة (ومنها): أن فيه جابرًا رضي الله تعالى عنه منْ المكثرين السبعة، روى (١٥٤٠) حديثًا. والله تعالى أعلم.

شرح الْحَدِيث

(عَنْ جَابِر) بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما، أنه (قَالَ: قَضَى رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-) أي حكم، وألزم (بِالشُّفْعَةِ) بضمّ، فسكون: هي فِي اللغة الضمّ، والجمع، وشرعًا: أخذ الشريك الجزء الذي باعه شريكه منْ المشتري بما اشتراه به، وسيأتي تمام البحث فِي ذلك فِي الباب التالي، إن شاء الله تعالى (فِي كُلِّ شَرِكَةٍ) أي فِي كلّ شيء مشترك، ولفظ مسلم، وأبي داود: "فِي كل شِرْك" وهو -بكسر الشين المعجمة، وإسكان الراء- منْ أشركته فِي البيع: إذا جعلته لك شريكا، ثم خفف المصدر بكسر الأول، وسكون الثاني، فيقال: شِرْك وشِرْكة، كما يقال: كِلْم وكِلْمة. قاله فِي "النيل" ٥/ ٣٥٧.

وَقَالَ القرطبيّ: الشَّرِيكُ: النصيب المشترك، قَالَ: وهذا يدلّ عَلَى أن الشفعة إنما تُستَحقّ بالاشتراك فِي رقبة الملك، لا باستحقاق منفعة فِي الملك، كممرّ طريق، ومسيل ماء، واستحقاق سُكنى؛ لأن كلّ ذلك ليس بشرك. انتهى (لَمْ تُقْسَمْ) هَذَا يفيد أن الشفعة لا تجب إلا بالجزء المشاع الذي يتأتّى منه إفرازه بالقسمة، فلا تجب فيما لا ينقسم، كالحمّام، والرحا، وفحل الخل، والبئر، ونحو ذلك، مما لو قُسم لبطلت المنفعة المقصودة منه قبل القسمة. وقيل: تجري فِي ذلك، والأول أظهر، كما قَالَ القرطبيّ، وسيأتي تمام البحث فيه فِي الباب التالي، إن شاء الله تعالى.

(رَبْعَةٍ، وَحَائِط) زاد فِي رواية مسلم: "أو أرض"، قَالَ القرطبيّ: الرواية الصحيحة فيه بخفض "ربعة، وما بعده، عَلَى البدل، منْ "كل شركة"، فهو تفسير له، وتقييد.

و"الرَّبْعَة" بفتح الراء،، وسكون الموحّدة-: تأنيث الرَّبْع: وهو المنزل. ويُجمع عَلَى رُبوع، وإنما قيل للمنزل رَبْعٌ؛ لأن الإنسان يربع فيه: أي يُقيم، يقال: هذه رَبْعٌ، وهذه رَبْعَةٌ، كما يقال: دارٌ، ودارة، ثم سُمّي به الدار، والمسكن.

و"الحائط": بستان النخل. و"الأرض": يعني بها البَرَاح الذي لا سَكَنَ فيها, ولا شجر، وإنما هي مُعَدَّةٌ للزراعة. قاله فِي "المفهم" ٤/ ٥٢٤.

(لَا يَحِلُّ لَهُ) أي لمالك ما تقدّم منْ الربعة، والحائط، والأرض المشتركة (أَنْ يَبِيعَهُ) أي يبيع المذكور (حَتَّى يُؤْذِنَ) منْ الإيذان، وهو الإعلام، أي حَتَّى يُعلم (شَرِيكَهُ) قَالَ القرطبيّ: هَذَا محمول عَلَى الإرشاد إلى الأولى، بدليل قوله -صلى الله عليه وسلم-: "فإذا باع، ولم يؤذنه، فهو أحقّ به"، ولو كَانَ ذلك عَلَى التحريم لذمّ البائع، ولفسخ البيع، لكنه أجازه، وصححه، ولم يذمّ الفاعل عَلَى ما قلناه، وَقَدْ قَالَ بعض شيوخنا: إن ذلك