للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فُلَانًا) يعني المستأجر القاتل (قَتَلَهُ فِي عِقَالٍ) أي بسبب عقال (فَأَتَاهُ) أي الرجل القاتل (أَبُو طَالِبٍ، فَقَالَ: اخْتَرْ مِنَّا إِحْدَى ثَلَاثٍ) أي ثلاث خصال، قَالَ فِي "الفتح": يحتمل أن تكون هذه الثلاث، كانت معروفة بينهم، ويحتمل أن تكون شيئا، اخترعه أبو طالب. وَقَالَ ابن التين: لم يُنقل أنهم تشاوروا فِي ذلك، ولا تدافعوا، فدَلَّ عَلَى أنهم كانوا يعرفون القسامة قبل ذلك، كذا قَالَ، وفيه نظر؛ لقول ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، راوي الْحَدِيث: "إنها أول قسامة"، ويمكن أن يكون مراد ابن عباس الوقوع، وإن كانوا يعرفون الحكم قبل ذلك. وحكى الزبير بن بكار أنهم تحاكموا فِي ذلك، إلى الوليد بن المغيرة، فقضى أن يحلف خمسون رجلا، منْ بني عامر عند البيت، ما قتله خداش، وهذا يُشعر بالأوليّة مطلقًا (إِنْ شِئْتَ أَنْ تُؤَدِّيَ مِائَةً مِنَ الْإبِلِ) أي فافعل، وهذه هي أولى الخصال الثلاث. وقوله (فَإِنَّكَ قَتَلْتَ صَاحِبَنَا خَطَأً) الفاء فيه للتعليل؛ أي لأنك قتلت الخ (وَإِنْ شِئْتَ يَحْلِفْ خَمْسُونَ مِنْ قَوْمِكَ، أَنَّكَ لَمْ تَقْتُلْهُ) وهذه هي ثانية الخصال (فَإِنْ أَبَيْتَ) أي امتنعت منْ كلّ منْ إعطاء الدية، وحلف خمسين منْ قومك عَلَى عدم قتلك صاحبنا (قَتَلْنَاكَ بِهِ) أي لثبوت قتلك له بنكولكم عن الحلف (فَأَتَى) القاتل (قَوْمَهُ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُمْ) أي ما عرض عليه أبو طالب منْ الخصال الثلاث (فَقَالُوا: نَحْلِفُ، فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ) هي زينب بنت علقمة، أخت المقتول، ونسبتها إلى بني هاشم مجازية (كَانَتْ تَحْتَ رَجُلٍ مِنْهُمْ) هو عبد العزى بن أبي قيس العامري، والتقدير: كانت زوجا لرجل منْ بني هاشم (قَدْ وَلَدَتْ لَهُ) اسم ولدها منه حُويطب -بمهملتين، مصغرًا- ذكر ذلك الزبير، وَقَدْ عاش حُويطب بعد هَذَا، دهرا طويلا، وله صحبة، ويحتمل أن يكون غير حويطب.

(فَقَالَتْ: يَا أَبَا طَالِبٍ، أُحِبُّ أَنْ تُجِيزَ ابْنِي هَذَا) بالجيم، والزاي: أي تهبه ما يلزمه منْ اليمين (بِرَجُلٍ مِنَ الْخَمْسِينَ، وَلَا) ناهية (تُصْبِرْ يَمِينَهُ) ويحتمل أن تكون "لا" نافية، والفعل معطوف عَلَى "تُجيز": والمعني: لا تلزمه أن يحلف، يقال: صبر يمينه، منْ باب ضرب: إذ حلّفه، وصبر الحاكم فلانًا عَلَى يمين: أكرهه عليها، أنشد ثَعْلبٌ:

فَأَوْجِعِ الْجَنْبَ وَأَعْرِ الظَّهْرَا … أَوْ يُبْلِيَ اللَّهُ يَمِينًا صَبْرَا

ويمين الصبر: أن يحبس السلطان إنسانًا عَلَى اليمين حَتَّى يحلف، فلو حلف منْ غير إحلاف لا يقال له حلف صبرًا، وفي الْحَدِيث: "منْ حلف عَلَى يمين مصبورة كاذبًا"، وفي آخر: "عَلَى يمينِ صبرٍ": أي ألزِم بها، وحُبس عليها، وكانت لازمةً لصاحبها منْ جهة الْحَاكم، وقيل لها: مصبورة، وإن كَانَ صاحبها فِي الحقيقة هو المصبور؛ لأنه إنما صبر منْ أجلها، أي حُبس، فوُصفت بالصبر، وأُضيفت إليه مجازًا. أفاده فِي "اللسان".