للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عبد الله بن سهل -رضي الله عنه-، فقوله (ثُمَّ أَقْبَلَ) الخ تفسير للجملة السابقة (هُوَ) أي محيّصة، وإنما أتى بالضمير المنفصل؛ ليمكنه عطف قوله (وَحُوَيِّصَةُ) لأن العطف عَلَى ضمير الرفع المتّصل بلا فاصل ضعيف، كما قَالَ ابن مالك:

وَإِنْ عَلَى ضَمِيرِ رَفْعٍ مُتَّصِلْ … عَطَفْتَ فَافْصِلْ بِالضَّمِيرِ الْمُنْفَصِلْ

أَوْ فَاصِلٍ مَا وَبِلَا فَصْلٍ يَرِدْ … فِي النَّظْمِ فَاشِيًا وَضُعْفَهُ اعْتَقِدْ

و"حُوَيِّصَة": بضمّ الحاء المهملة، وفتح الواو، وتشديد التحتانيّة، وَقَدْ تُسكّن.

(وَهُوَ أَخُوهُ) أي حُوَيِّصة أخو مُحيِّصة، إذ هما ابنا مسعود بن كعب، وَقَدْ تقدّم قريبًا ذكر نسبهما.

وَقَالَ القرطبيّ رحمه الله تعالى: قوله: "ثم أقبل هو وأخوه حويّصة": يعني به محيّصة، وهما ابنا مسعود بن زيد (١)، والمشهور فِي حويّصة، ومُحيّصة تخفيف الياء، وَقَدْ رويا بكسر الياء، وتشديدها، وعلى الوجهين، فهما مصغّران، والمقتول عبد الله بن سهل بن زيد، وأخوه عبد الرحمن بن سهل، فالأربعة بنو عمّ بعضهم لبعض، وإنما تقدّم محيّصة بالكلام؛ لكونه كَانَ بخيبر حين قُتل عبد الله، غير أنه كَانَ أصغر سنّا منْ حُوَيّصةَ، ولذلك قَالَ النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "كبّر كبّر": أي قدّم للكلام قبلك منْ هو أكبر سنّا منك، فتقدّم حويّصة، وكأنه كَانَ أكبر منه، ومن عبد الرحمن أخي المقتول. انتهى "المفهم" ٥/ ٨.

(أَكْبَرُ مِنْهُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ) أخو عبد الله بن سهل المقتول (فَذَهَبَ) أي شَرَعَ (مُحَيِّصَةُ لِيَتَكَلَّمَ) أي ليذكر القضيّة، ويشرحها للنبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقوله (وَهُوَ الَّذِي كَانَ بِخَيْبَرَ) علّة لتقدّمه عليهما فِي الكلام، أي إنما ذهب ليتكلّم؛ لكونه هو الذي شهد الواقعة، حيث كَانَ مع المقتول فِي خيبر، فوجد عبد الله مقتولاً فيها (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "كَبِّرْ، كَبِّرْ") بتشديد الباء الموحدة: أمر بتقديم الأكبر عليه، وكرّره للتأكيد (وَتَكَلَّمَ حُوَيِّصَةُ) حيث كَانَ هو الأكبر منهما، وَقَدْ أخبره بتفاصيل القضيّة محيّصة، فهو عالم بها (ثُمَّ تَكَلَّمَ مُحَيِّصَةُ) حيث شهد القضيّة (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِمَّا أَنْ يَدُوا) مضارع وَدَى بحذف الواو، كما فِي يَفِي، والضمير لليهود (صَاحِبَكُمْ) أي يعطوا ديته، يقال: وَدَى القاتل القتيل دِيَةً: إذا أعطى وليَّه المالَ الذي هو بدل النفس (وَإِمَّا أَنْ يُؤْذَنُوا) قَالَ السنديّ رحمه الله تعالى: الظاهر أنه بفتح الياء منْ الإذن، بمعنى العلم، مثله قوله تعالى: {فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ} الآية [البقرة: ٢٧٩]، وضُبط علي بناء المفعول، منْ الإيذان، بمعنى الإعلام، وهو أقرب إلى الخطّ، والمراد أنهم يفعلون أحد الأمرين، إن


(١) هكذا فِي "المفهم"، والمشهور أنهما ابنا مسعود بن كعب، كما مر آنفًا.