ثبت عليهم القتل، دم صاحبكم المقتول، أو دم صاحبكم القاتل، عَلَى مذهب منْ يرى القصاص بالقسامة. انتهى.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: ثبوت القصاص بالقسامة هو أرجح الأقوال؛ لظاهر النصّ، كما سيأتي تحقيقه فِي المسائل، إن شاء الله تعالى.
(بِحَرْبٍ) أي بمحاربة الله تعالى ورسوله -صلى الله عليه وسلم-.
قَالَ القرطبيّ: هَذَا الكلام منْ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى جِهة التأنيس، والتسلية لأولياء المقتول، وعلى جهة الإخبار بالحكم عَلَى تقدير ثبوت القتل عليهم، لا أن ذلك كَانَ حكمًا منْ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى اليهود فِي حال غيبتهم، فإنه بعدُ لم يسمع منهم، ولا حضروا حَتَّى يسألهم، ولذلك كتب إليهم بعد أن صدر منه ذلك القول، ثم إن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بعد أن سمع الدعوى لم يستحضر المدّعَى عليهم إليه. انتهى.
(فَكَتَبَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فِي ذَلِكَ) أي فِي شأن قتل عبد الله بن سهل -رضي الله عنه- (فَكَتَبُوا) أي اليهود إليه -صلى الله عليه وسلم- (إِنَّا وَاللهِ مَا قَتَلْنَاهُ) زاد فِي رواية: "وما علمنا له قاتلاً"(فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، لِحُوَيِّصَةَ، وَمُحَيَّصَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ) -رضي الله عنهم- (تَحْلِفُونَ) بتقدير همزة الاستفهام، وفي الرواية الآتية:"أتحلفون خمسين يمينًا". وهذا هو محلّ الترجمة، حيث بدأ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بأيمان أهل الدم فِي القسامة، وهو قول معظم القائلين بأن القسامة يُستوجَب بها الدم، وخالف فِي ذلك بعضهم، وسيأتي تمام البحث فيه قريبًا، إن شاء الله تعالى (وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ؟) وفي رواية: "فيُدفع إليكم برُمّته"، وهو نصّ فِي أن القسامة يُستحقّ بها الدم، وهو قول معظم الحجازيين، وسيأتي تحقيق الخلاف فِي ذلك قريبًا، إن شاء الله تعالى (قَالُوا) أي حويّصة، ومحيصة، وعبد الرحمن (لَا) وفي الرواية الآتية: "كيف نحلف، ولم نشهد، ولم نحضر؟ "(قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (فَتَحْلِفُ لَكُمْ يَهُودُ؟) أي فإذا امتنعتم منْ استحقاق الدم بحلفكم، فتحلف لكم يهود، وفي الرواية الآتية:"قَالَ: فتبرئكم اليهود بخمسين أنهم لم يقتلوه"(قَالُوا: لَيْسُوا مُسْلِمِينَ) وفي رواية سعيد بن عبيد الآتية: "لا نرضى بأيمان اليهود"، وفي رواية يحيى بن سعيد الآتية:"فتبرئكم يهود بخمسين يمينا": أي يخلصونكم منْ الأيمان، بأن يحلفوهم، فإذا حلفوا انتهت الخصومة، فلم يجب عليهم شيء، وخلصتم أنتم منْ الأيمان، "قالوا: كيف نقبل بأيمان قوم كفار"، وفي رواية:"نأخذ" بدل "نقبل"، وفي رواية:"ما يبالون أن يقتلونا أجمعين، ثم يحلفون".
قَالَ فِي "الفتح": ما حاصله: لم يذكر فِي رواية سعيد بن عبيد، عرض الأيمان عَلَى المدعين، كما لم يقع فِي رواية يحيى بن سعيد، طلب البينة أَوّلاً.
وطريق الجمع أن يقال: حفظ أحدهم ما لم يحفظ الآخر، فيحمل عَلَى أنه طلب البينة، أوّلاً، فلم تكن لهم بينة، فعَرَض عليهم الأيمان، فامتنعوا، فعرض عليهم تحليف