للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والحجرِ، بالمنقار. وَقَالَ أيضًا: ونَقَرْتُ الشيءَ: ثقبته بالمنقار، والْمِنْقَر بكسر الميم: الْمِعْوَل، قَالَ ذُو الرّمّة:

كَأَرْحَاءِ رَقْدٍ زَلَّمَتْهَا الْمَنَاقِرُ

انتهى "لسان العرب" بتصرّف ٥/ ٢٢٧.

[تنبيه]: رواية جامع بن مطر هذه مخالفة لرواية سماك بن حرب التي بعدها، حيث إن فيها أنهما كانا يحتطبان منْ شجرة، ولكن لا تعارض بينهما؛ لاحتمال أن يكون أصل عملهما حفر البئر، ثم حصل لهما حاجة إلى الاحتطاب، فبدءا يجمعان الحطب، فحصل بينهما مخاصمة خلال الاحتطاب، فضربه بالفأس الذي كَانَ يحفر به. والله تعالى أعلم.

وقوله: "إن قتلته كنت مثله": قَالَ النوويّ رحمه الله تعالى: الصحيح فِي تأويله، أنه مثله فِي أنه لا فضل، ولا منة لأحدهما عَلَى الآخر؛ لأنه استوفى حقه منه، بخلاف ما لو عفى عنه، فإنه كَانَ له الفضل والمنة، وجزيل ثواب الآخرة، وجميل الثناء فِي الدنيا.

وقيل: فهو مثله فِي أنه قاتل، وإن اختلفا فِي التحريم والإباحة، لكنهما استويا فِي طاعتهما الغضب، ومتابعة الهوى، لاسيما وَقَدْ طلب النبيّ -صلى الله عليه وسلم- منه العفو، وإنما قَالَ النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ما قَالَ بهذا اللفظ الذي هو صادق فيه؛ للإيهام لمقصود صحيح، وهو أن الوليّ ربما خاف فعفا، والعفو مصلحة للوليّ والمقتول فِي ديتهما (١) لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "يبوء بإثمك وإثم صاحبك"، وفيه مصلحة للجاني، وهو إنقاذه منْ القتل، فلما كَانَ العفو مصلحة، توصل إليه بالتعريض، وَقَدْ قَالَ الضمري (٢) وغيره، منْ الشافعيّة، وغيرهم: يستحب للمفتى إذا رأى مصلحة فِي التعريض للمستفتي، أن يُعَرِّض تعريضا، يحصل به المقصود، مع أنه صادق فيه، قالوا: ومثاله أن يسأله إنسان عن القاتل: هل له توبة؟ ويظهر للمفتي بقرينة، أنه إن أفتى بأن له توبة، ترتب عليه مفسدة، وهي أن السائل يستهون القتل؛ لكونه يجد بعد ذلك منه مخرجا، فيقول المفتى فِي الحالة هذه: صح عن ابن عباس أنه قَالَ: لا توبة لقاتل، فهو صادق فِي أنه صح عن ابن عباس، وإن كَانَ المفتي لا يعتقد ذلك، ولا يوافق ابن عباس فِي هذه المسألة، لكن السائل إنما يفهم منها موافقته ابن عباس، فيكون سببا لزجره، فهكذا، وما أشبه ذلك، كمن يسأل عن الغيبة فِي الصوم، هل يفطر بها؟، فيقول: جاء فِي الْحَدِيث الغِيبة تُفَطِّر الصائم. والله أعلم. انتهى "شرح مسلم" ١١/ ١٧٤.


(١) هكذا النسخة "فِي ديتهما" بلفظ الدية بالدال، والظاهر أن "فِي ذنبهما" بالذال المعجمة، والنون.
(٢) هكذا النسخة بالضاد المعجمة، ولعله الصيمريّ بالصاد المهملة.