للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: التأويلان اللذان ذكرهما النوويّ فِي تأويل قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إن قتلته كنت مثله"، نقلهما عنه المازريّ، والقاضي عياض، وأحسن منهما ما يأتي للقرطبيّ فِي الْحَدِيث التالي، إن شاء الله تعالى. والله تعالى أعلم.

وقوله: "قَالَ: نعم": أي قَالَ النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: نعم تكون مثله. وقوله: "أعف" بصيغة المضارع المسند لضمير المتكلّم: أي قَالَ ذلك الرجل الذي أراد أن يقتل ذلك القاتل، لما سمع منه -صلى الله عليه وسلم- أنه يكون مثله، إن قتله: أعف عنه، حَتَّى لا أكون مثله. والله تعالى أعلم.

والحديث صحيح، كما سبق البحث فيه قريبًا. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٤٧٢٩ - (أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمٌ، عَنْ سِمَاكٍ، ذَكَرَ أَنَّ عَلْقَمَةَ بْنَ وَائِلٍ أَخْبَرَهُ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ كَانَ قَاعِدًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، إِذْ جَاءَ رَجُلٌ يَقُودُ آخَرَ بِنِسْعَةٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَتَلَ هَذَا أَخِي، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "أَقَتَلْتَهُ"، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ لَمْ يَعْتَرِفْ أَقَمْتُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ، قَالَ: نَعَمْ قَتَلْتُهُ، قَالَ: "كَيْفَ قَتَلْتَهُ؟ "، قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَهُوَ نَحْتَطِبُ مِنْ شَجَرَةٍ، فَسَبَّنِي، فَأَغْضَبَنِي، فَضَرَبْتُ بِالْفَأْسِ عَلَى قَرْنِهِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "هَلْ لَكَ مِنْ مَالٍ تُؤَدِّيهِ عَنْ نَفْسِكَ؟ "، قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَالِي إِلاَّ فَأْسِي وَكِسَائِي، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "أَتُرَى قَوْمَكَ يَشْتَرُونَكَ؟ "، قَالَ: أَنَا أَهْوَنُ عَلَى قَوْمِي مِنْ ذَاكَ، فَرَمَى بِالنِّسْعَةِ إِلَى الرَّجُلِ، فَقَالَ: "دُونَكَ صَاحِبَكَ"، فَلَمَّا وَلَّى، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنْ قَتَلَهُ فَهُوَ مِثْلُهُ"، فَأَدْرَكُوا الرَّجُلَ، فَقَالُوا: وَيْلَكَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: "إِنْ قَتَلَهُ فَهُوَ مِثْلُهُ"، فَرَجَعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، حُدِّثْتُ أَنَّكَ قُلْتَ: "إِنْ قَتَلَهُ فَهُوَ مِثْلُهُ"، وَهَلْ أَخَذْتُهُ إِلاَّ بِأَمْرِكَ؟ فَقَالَ: "مَا تُرِيدُ أَنْ يَبُوءَ بِإِثْمِكَ، وَإِثْمِ صَاحِبِكَ"، قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَإِنْ ذَاكَ، قَالَ: "ذَلِكَ كَذَلِكَ").

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: "إسماعيل بن مسعود": هو الْجَحْدريّ البصريّ. و"خالد": هو ابن الحارث الْهُجَيميّ. و"حاتم": هو ابن أبي صغيرة، أبو يونس البصريّ، وأبو صغيرة: اسمه مسلم، وهو جدّه لأمه، وقيل: زوج أمه، ثقة [٦] ٦٦/ ١٨٠٠. و"سماك": هو ابن حرب بن أوس بن خالد الذهليّ، أبو المغيرة الكوفيّ، صدوقٌ، تغير بآخره، فكان ربّما تلقّن [٤] ٢/ ٣٢٥.

وقوله: "لو لم يعترف أقمت عليه البيّنة": قَالَ القرطبيّ رحمه الله تعالى: فيه بيان أن الأصل فِي ثبوت الدماء الإقرار، أو البيّنة، وأما القسامة فعلى خلاف الأصل، كما تقدّم. وفيه استقرار المحبوس، والمتهدّد، وأخذه بإقراره، وَقَدْ اختَلفَ فِي ذلك