العلماء، واضطرب مذهب مالك فِي إقراره بعد الحبس والتهديد، هل يُقبل جملةً، أو لا يقبل جملةً؟، والفرق، فيقبل إذا عيّن ما اعترف به، منْ قتل، أو سرقة، ولا يُقبل إذا لم يُعيّن، ثلاثة أقوال. انتهى "المفهم" ٥/ ٥٢ - ٥٣.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: القول بأخذه بالإقرار هو الظاهر؛ لهذا الْحَدِيث. والله تعالى أعلم.
وقوله:"كيف قتلته؟ ": سؤال استكشاف عن حال القتل؛ لإمكان أن يكون خطأً، أو عمدًا، ففيه منْ الفقه وجوب البحث عن تحقيق الأسباب التي تنبني عليها الأحكام، ولا يُكتفَى بالإطلاق، وهذا كما فعله النبيّ -صلى الله عليه وسلم- مع ماعزٍ، حين اعترف عَلَى نفسه بالزنى. قاله القرطبيّ فِي "المفهم" ٥/ ٥٣.
وقوله:"نحتطب منْ شجرة": هكذا هو فِي رواية المصنّف بالحاء المهملة، منْ الاحتطاب، يقال: حَطَب الْحَطَب حَطْبًا، منْ باب ضربَ: إذا جمع الحطب، واحتطب مثله. والذي فِي رواية مسلم:"نختبط منْ شجرة" بالخاء المعجمة، منْ الاختباط افتعال منْ الْخَبَط: أي نجمع الخبَط، وهو ورق السَّمُر، بأن يضرب الشجر بالعصا، فيسقط ورقه، فيجمعه عَلَفًا. قاله النوويّ. وَقَالَ القرطبيّ:"نختبط" نفتعل منْ الخبط، وهو ضرب بالعصا ليقع يابس ورقها، فتأكله الماشية.
ولا تعارض بين الروايتين؛ لاحتمال أن يكونا يجمعان الحطب، والْخَبَط معًا. والله تعالى أعلم.
وقوله:"فضربته بالفأس عَلَى قَرْنه": قَالَ فِي "المفهم": قرن الرأس جانبه الأعلى، قَالَ الشاعر:
وَضَرَبْتُ قَرْنَيْ كَبْشِهَا فَتَجَدَّلَا
وقوله:"هل لك منْ مال تؤدّيه عن نفسك؟ ": قَالَ القرطبيّ: يدلّ عَلَى أنه -صلى الله عليه وسلم- قد ألزمه حكم إقراره، وأن قتله كَانَ عمدًا، إذ لو كَانَ خطأً لما طالبه بالدية، ولطولب بها العاقلة، ويدلّ عَلَى هَذَا أيضًا قوله:"أترى قومك يشترونك؟ "؛ لأنه لَمّا استحقّ أولياء المقتول نفسه بالقتل العمد، صاروا كالمالكين له، فلو دَفع أولياء القاتل عنه عِوَضًا، فقبله أولياء المقتول، لكان كالبيع، وهذا كله إنما عرضه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى القاتل بناء منه عَلَى أنه إذا تيسّر له ما يؤدّي إلى أولياء المقتول، سألهم فِي العفو عنه، ففيه منْ الفقه السعي فِي الإصلاح بين النَّاس، وجواز الاستشفاع، وإن رُفعت حقوقهم للإمام، بخلاف حقوق الله تعالى، فإنه لا تجوز الشفاعة فيها، إذا بلغت الإِمام. انتهى.
وقوله:"ما لي إلا فأسي، وكسائي": فيه منْ الفقه أن المال يُقال كلّ ما يُتَمَوّل منْ