للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَقَدْ وقع له ذكر فِي ضمن أثر علقه البخاريّ فِي "صلاة الخوف"، قَالَ: قَالَ الوليد: ذكرت للأوزاعي صلاة شُرَحبيل بن السِّمْط، وأصحابه عَلَى ظهر الدابة، فَقَالَ كذلك الأمر عندنا، إذا تخوف الفوت. انتهى. وهنا الأثر رواه عمرو بن أبي سلمة، عن الأوزاعي، قَالَ: قَالَ شرحبيل بن السمط لأصحابه: لا تصلوا صلاة الصبح إلا عَلَى ظهر، فنزل الأشتر فصلى عَلَى الأرض، فأنكر عليه شرحبيل، وكان الأوزاعي يأخذ بهذا فِي طلب العدو. انتهى. تفرّد المصنّف (١) بذكره فِي هَذَا الموضع فقط.

(إِلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقُلْنَا: هَلْ عَهِدَ) بكسر الهاء، يقال: عَهِد إليه يَعْهَد، منْ باب تعِب: إذا أوصاه: أي هل أوصى (إِلَيْكَ نَبِيُّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- شَيْئًا، لَمْ يَعْهَدْهُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً؟) وَقَدْ سأله هذه المسألة أبو جحيفة -رضي الله عنه- فقد أخرج المصنّف، كما سيأتي بعد ثلاثة أبواب بسنده عن الشعبيّ، قَالَ: سمعت أبا جحيفة -رضي الله عنه- يقول: سألنا عليّا -رضي الله عنه-، فقلنا: هل عندكم منْ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيء سوى القرآن، فَقَالَ: لا، والذي فلق الحبّة، وبرأ النسمة، إلا أن يُعطي الله عزّ وجلّ عبدًا فهما فِي كتابه، أو ما فِي هذه الصحيفة .... " الْحَدِيث.

قَالَ الحافظ رحمه الله تعالى: الخطاب لعليّ -رضي الله عنه-، والجمع إما لإرادته مع بقيّة أهل البيت، أو للتعظيم.

وإنما سأله أبو جحيفة -رضي الله عنه- عن ذلك؛ لأن جماعة منْ الشيعة، كانوا يزعمون أن لأهل البيت لاسيما علي -رضي الله عنه- أشياء، خصّهم النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بها، لم يُطلع غيرهم عليها.

وَقَالَ الشوكانيّ: والظاهر أن المسؤول عنه هنا، ما يتعلق بالأحكام الشرعية، منْ الوحي الشامل للكتاب والسنة، فإن الله سبحانه سماها وحيا، إذا فُسِّر قوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم: ٣] بما هو أعم منْ القرآن، ويدل عَلَى ذلك قوله: "وما فِي هذه الصحيفة"، فإن المذكور فيها ليس منْ القرآن، بل منْ أحكام السنة.

قَالَ: فلا يلزم منه نفي ما ينسب إلى علي -رضي الله عنه-، منْ علم الجفر ونحوه، أو يقال: هو مندرج تحت قوله: "إلا فهما يعطيه الله تعالى رجلا فِي القرآن"، فإنه ينسب إلى كثير ممن فتح الله عليه بأنواع العلوم، أنه يستنبط ذلك منْ القرآن.

ومما يدل عَلَى اختصاص علي بشيء منْ الأسرار، دون غيره: حديث الْمُخْدَج المقتول منْ الخوارج يوم النَّهْرَوان، كما فِي "صحيح مسلم"، و"سنن أبي داود فإنه قَالَ يومئذ: "التمسوا فيهم المخدج"، يعني فِي القتلى، فلم يجدوه، فقام الإِمام علي بنفسه حَتَّى أتى أناسا، قد قُتل بعضهم عَلَى بعض، فَقَالَ: "أخرجوهم، فوجدوه مما يلي الأرض، فكبر، وَقَالَ: صدق الله، وبلغ رسوله -صلى الله عليه وسلم-، فقام إليه عَبِيدة السلماني،


(١) وكذا ذكره البخاريّ فِي "صلاة الخوف" كما مر آنفًا.